فتحت مراكز الاقتراع في فنزويلا أبوابها صباح الأحد، حيث يدلي نحو 19 مليون ناخب بأصواتهم في انتخابات الرئاسة التي يواجه فيها الرئيس المنتهية ولايته "الاشتراكي" وصاحب الشعبية الكبيرة هوغو تشافيز المنافس الشاب من يسار الوسط، إنريكي كابريليس، الذي نجح في توحيد صفوف معارضي تشافيز.

ودعا تشافيز في مؤتمر صحفي في اللحظة الأخيرة "الساسة من اليسار واليمين والوسط إلى الاستعداد لقبول نتائج انتخابات غد" (الأحد)..معتبرا أنها "لن تكون نهاية العالم لأي شخص".

ويتقدم تشافيز في معظم استطلاعات الراي التي تجريها وكالات شهيرة، بينما يتفوق كابريليس في استطلاعين فقط، وقلص الفارق مع الرئيس الحالي في استطلاعات أخرى.

تشافيز: اشتراكية القرن العشرين

يتطلع الرئيس الفنزويلي المنتهية ولايته، هوغو تشافيز، الذي فرض نفسه رجلاً قوياً في فنزويلا منذ انتخابه لأول مرة في 1998، إلى ولاية جديدة رغم أنه أثار جدلاً في بلاده وخارجها بمشروعه الاشتراكي "للقرن الحادي والعشرين" وحيويته المفرطة.

وقد فاز، هذا المظلي السابق الذي أضعفته اليوم العلاجات الطبية إثر إصابته بسرطان سنة 2011، بكل الانتخابات التي خاضها رغم اتهام معارضيه إياه "بالميل إلى التسلط".

وقد ترشح لولاية رئاسية ثالثة مؤكداً أنه يستطيع الاستمرار في ممارسة الحكم حتى 2019 في بلد يملك أكبر احتياطي نفطي في العالم، ليقيم فيه "اشتراكية القرن الحادي والعشرين".

وبإمكان تشافير، الخطيب الذي لا يكل على غرار الكوبي فيدل كاسترو الذي يقتدي به، أن يخطب في الناس ساعات طويلة مرتدياً ثياباً حمراء وقبعة حمراء، وزيا عسكرياً أو ثياباً غربية، لكن بربطة عنق حمراء.

ورغم الوهن الذي بدا عليه خلال الأشهر الأخيرة وفقدانه لشعره وزيادة وزنه إثر خضوعه لعمليتين جراحتين في 2011 و2012 في كوبا لمعالجته من سرطان في الحوض، إلا أنه "تعافى منه تماماً" اليوم، بحسب ما أعلن بنفسه.

الرئيس الفنزويلي المنتهية ولايته هوغو تشافيز

ولد تشافيز في 1954 لأبوين معلمين بولاية باريناس جنوب غربي فنزويلا. وهو أب لأربعة أبناء يدين بالكاثوليكية، وقد طلق زوجتين.

بدأ تشافيز منذ 1982 يعد مشروعه الاشتراكي المستوحى من سيمون بوليفار، الشخصية الرمز في الكفاح من أجل استقلال البلاد من الإسبان.

وفي 1992 نفذ اللفتنانت كولونيل في سلاح المظليين هوغو تشافيز انقلاباً فاشلاً على الرئيس كارلوس أندريس بيريز، الذي ألقى به في السجن سنتين، الأمر الذي جعله يحظى بشعبية كبيرة.

وبعد 6 سنوات قاد تحالف أحزاب يسارية إلى الفوز بالانتخابات الرئاسية بنحو 56 في المائة من الأصوات.

وبنى تشافيز شعبيته على عدة برامج اجتماعية في الصحة والتربية حتى أصبح الناس الأكثر فقراً يشعرون بامتنان لا حدود له ويكررون أنه أعاد لهم "كرامتهم".

في المقابل يأخذ عليه منتقدوه أنه يفرط في استغلال وسائل الدولة في خدمة قضية واحدة هي البقاء في الحكم.

وقد طور تشافيز، الذي يتمتع بحضور كبير ويمكنه أن يمزج في خطاب واحد أغنيات شاعرية وشتائم وإبداء معرفة ثقافية واسعة، أسلوباً في الحكم غير تقليدي يستند فيه إلى حدسه وما تعلمه من تدريبه العسكري.

وهو لا ينام إلا قليلاً ولا يأخذ عطلة، ما دفعه إلى الاعتراف بأنه ارتكب "خطأ أساسياً" بإهمال صحته طيلة سنوات.

وبعد محاولة الانقلاب التي تعرض إليها في 2002، قرر تشافيز أن العالم ينقسم إلى فئتين: أصدقاء وخصوم، واصفاً معارضيه بأنهم "خونة" و"بلا وطن".

لكن ينظر إليه خارج حدود بلاده على أنه نموذج ثوري، وهو يمول زعماء يساريين عديدين في أميركا اللاتينية، التي يعتبر من أشد أنصار وحدتها.

وقد أقام هيئات للتكامل الإقليمي وتحالفات استراتيجية مع روسيا والصين وإيران، ودعم قادة مثيرين للجدل مثل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والرئيس السوري بشار الأسد.

وفي الوقت نفسه عرف كيف يكون برغماتياً بعدم تعليق إمدادات النفط إلى الولايات المتحدة رغم انتقاداته اللاذعة "للإمبريالية الأميركية".

كبريليس: النموذج البرازيلي

يؤكد انريكي كابريليس (40 عاما) الذي كان رئيس مجلس نواب فنزويلا السابق وحاكم ولاية ورئيس بلدية، باعتزاز أنه لم يخسر أي معركة انتخابية من قبل، ويأمل في إنهاء حكم الرئيس هوغو تشافيز في انتخابات الأحد.

وقد جاب كابريليس مختلف أنحاء البلاد بلا كلل، أولاً في حملة الانتخابات التمهيدية في صفوف المعارضة التي فاز بها بفارق كبير في فبراير 2012، ثم كمرشح للانتخابات الرئاسية.

انتخب كبريليس نائباً عندما كان في السادسة والعشرين من العمر وأصبح رئيسا لمجلس النواب، الذي تم حله، على لائحة الديموقراطيين المسيحيين.

ويؤكد المرشح الشاب اليوم أنه أقرب إلى شخصية الرئيس البرازيلي السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا مع أن الأخير يدعم تشافيز.

ويقول كبريليس إنه ينتمي إلى يسار الوسط، لكنه يثني على المشاريع الفردية، مؤكداً أن أولوية الدولة يجب أن تكون السياسة الاجتماعية.

وفي إطار سعيه ليبدو معتدلاً، قام بحملة من دون مواجهة هوغو تشافيز مباشرة كي لا تنفر منه الطبقات الشعبية الموالية في معظمها للرئيس الذي كثف البرامج الاجتماعية.

وقال كبريليس إن "تشافيز يمثل طريق الاشتراكية أي الدولة التي تريد السيطرة على كل شيء، وأنا أمثل طريق التقدم" معرباً عن أمله في أن "يطبق في فنزويلا النموذج البرازيلي" حيث "تنسق الدولة مع القطاع الخاص جهودهما".

ولد كبريليس في يوليو 1972 لعائلة متوسطة، وكانت جدته يهودية بولندية نجت من المحرقة النازية، وهو محام متخصص في القانون الاقتصادي متخرج من الجامعة الكاثوليكية.

المرشح للرئاسة الفنزويلية إنريكي كابريليس

وفي العام 2000 انتخب في باروتا، إحدى مقاطعات العاصمة كراكاس، بدعم من الحزب الاجتماعي المسيحي "بريميرو خوستيسيا" الحديث العهد وما زال ينتمي إليه.

وانتخب مجدداً في 2004 بعد اعتقاله 4 أشهر بتهمة عدم التحرك في مواجهة هجوم استهدف سفارة كوبا خلال محاولة انقلابية على هوغو تشافيز في أبريل 2002.

وفي 2008 انتخب حاكماً لميرندا، شمالي البلاد، التي تشكل ثاني أكبر ولاية من حيث عدد السكان.

وقال "عندما تخوض تجربة السجن، هناك طريقان، إما أن تبتعد عن كل ما يشكل عقيدتك، أي الجانب المسيحي، أو أن تقترب منه وأنا اقتربت" شاكراً جدته لأنها علمته كيف يتجنب الكراهية.

وفي هذا السياق يقول إنه من المعجبين برئيس جنوب إفريقيا السابق نلسون مانديلا الشخصية التي يجب الاقتداء بها في فنزويلا بصرف النظر عن انتماءات الأفراد السياسية.

وبصفته حاكماً ركز عمله خصوصاً على التربية وإعادة ترميم المساكن القديمة وتوفير خدمات الرعاية الصحية.

خاض إنريكي كبريليس، حملة انتخابية ميدانية ركزت على الاحتياجات الاجتماعية لكن بموارد مالية أقل بكثير مما يتمتع به الرئيس المرشح لولاية جديدة من 6 سنوات الذي يحظى بدعم الطبقات الشعبية.

ويقول كبريليس إنه ما زال يبحث عن زوجة له لتصبح "السيدة الأولى".