تظاهر مئات الآلاف الخميس في شوارع 80 مدينة برازيلية، لا سيما في سلفادور دي باهيا (شمال شرق)، حيث اندلعت أيضا صدامات مع الشرطة، وقتل متظاهر في ساو باولو، وهاجم متظاهرون مقر وزارة الخارجية في برازيليا.

وفي تعداد لوكالة "فرانس برس"، فإن عدد المحتجين في المدن البرازيلية الرئيسية بلغ نحو 800 ألف شخص.

وألغت رئيسة البرازيل ديلما روسوف الخميس زيارة كانت مقررة لليابان بين 26 و28 يونيو، بسبب الأحداث في البلاد.

وقتل متظاهر في ولاية ساو باولو مساء الخميس بعدما صدمته سيارة مع اثنين من رفاقه، كما أعلنت الشرطة العسكرية.

وقالت الشرطة العسكرية على حسابها على موقع "تويتر" إن "سيارة صدمت مجموعة من ثلاثة أشخاص وقد توفي أحدهم"، مشيرة إلى أن الحادث وقع في مدينة ريبيارو بريتو على بعد 330 كلم من مدينة ساو باولو عاصمة الولاية.

وبحسب الصحافة المحلية فإن سيارة حاولت اجتياز مجموعة من المتظاهرين كانوا يقطعون الطريق فدهست ثلاثة منهم.

ورغم انصياع معظم المدن الكبرى في البلاد أمام ضغط الشارع وتراجعها عن قرار برفع أسعار تعريفات النقل العام، فإن المحتجين البرازيليين يواصلون الضغط، وحدد هؤلاء هدفهم بإنزال مليون شخص إلى الشوارع في هذا اليوم الأول من التحرك الوطني.

كما أن مليارات الدولارات التي أنفقتها البرازيل من أجل استضافة بطولتي كأس القارات هذا العام، وكأس العالم العام المقبل، كانت وقودا لغضب البرازيليين الذين يرون أولويات أخرى لإنفاق المال العام بخلاف كرة القدم.

واستعد تجار وسط المدن للأسوأ، حيث أغلق بعضهم محاله باكرا وحمى آخرون واجهات محلاتهم بألواح من الخشب خشية تحول التظاهرات السلمية في مجملها إلى أعمال عنف ونهب.

وهاجم متظاهرون مساء الخميس مقر وزارة الخارجية في برازيليا، حيث تمكنت قوات الأمن في آخر لحظة من منعهم من اقتحام المبنى، كما أفادت صحافية في وكالة فرانس برس.

وتمكنت مجموعة من المتظاهرين من تحطيم زجاج البوابة الرئيسية للوزارة، إلا أن الشرطة تمكنت في النهاية من صدهم، في أول تحرك احتجاجي تشهده البلاد على الصعيد الوطني منذ اندلعت الحركة الاحتجاجية قبل نحو 10 أيام.

وفي ريو دي جانيرو حيث جرت مباراة إسبانيا وتاهيتي في ملعب "ماراكانا" ببطولة كأس القارات، تدفق آلاف المتظاهرين على ساحة كانديلاريا نقطة انطلاق التظاهرة من وسط المدينة.

وبثت الشرطة العسكرية على شبكات التواصل منشورات للطبع تطلب فيها من المتظاهرين "مساعدتها على حمايتهم"، اشتملت على عبارات مثل "بلا عنف، سلام ، أبعدوا أولئك الذين يصرون على نشر الفوضى في تظاهرة سلمية".

وفي سلفادور تظاهر نحو 50 ألف شخص أغلبهم من الطلبة في ساحة كامبو غراند الرئيسية في المدينة، على وقع آلات الإيقاع والصافرات والهتافات، حسب مراسلي "فرانس برس".

وحين حاول متظاهرون اختراق حاجز للشرطة، أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع ورصاص مطاطي لإجبارهم على التقهقر.

وكتب على اللافتات المرفوعة: "تعال ناضل من أجل المزيد من التغييرات"، و"كرة القدم فوق القوانين لماذا يا ديلما؟"، و"كيف يعقل أن قيمة لاعب كرة قدم أعلى من قيمة أستاذ؟".

ويطالب هاميلتون جينيور (48 عاما) وهو أستاذ جيولوجيا في الجامعة بـ"فتح تحقيق في الأموال المستثمرة في ملاعب" كرة القدم.

وأضاف لوكالة "فرانس برس": "الفيفا منعت بيع الأكاراجي (أكلة تقليدية محلية) في محيط الملاعب من أجل مصلحة المستثمرين، هذا عار".

وفي ريو دي جانيرو وحدها تمت دعوة مليون شخص على موقع "فيسبوك" للتظاهر بعد ظهر الخميس، وأكد نحو ربع مليون أنهم سيشاركون حتى وإن كان يتوقع أن يكون عددهم دون هذا الرقم.

وفي ساو باولو أكد 300 ألف مشاركتهم و50 ألفا في برازيليا، قال جميعهم إنهم سيشاركون استجابة لنداء "أفيقي يا برازيل".

وبعد 10 أيام من التظاهرات التي كثيرا ما تتحول إلى أعمال عنف، لم تضعف حركة الاحتجاج في البرازيل.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تستمر الدعوات للتظاهر، وكتبت إحدى رواد الإنترنت: "زيادة أسعار النقل ألغيت لكن من يقول إننا سنتوقف؟".

ولاشيء يوحي بضعف حركة الاحتجاج هذه التي لا ترفع يافطة سياسية أو نقابية ولا يوجد لها زعماء ظاهرون، وتبلور مختلف مخاوف السكان في البلد الناشئ ذي الـ194 مليون نسمة إزاء خدمات عامة متدنية مثل الصحة والتعليم، وفساد الطبقة السياسية ومبالغ هائلة بالمليارات أنفقت لتنظيم كاس العالم لكرة القدم في 2014.

والجديد الخميس هو أن بعض الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني أعلنت نيتها المشاركة في التظاهرات تحت لافتاتها.

وقالت منظمات منها "فلاحون بلا أرض" و"الاتحاد الوطني للطلاب" و"المركزية الوحيدة للعمال" و"حزب العمال" (يسار حاكم) و"الحزب الشيوعي البرازيلي"، إنها تريد الانضمام إلى المتظاهرين الذين رفضوا منذ بداية تحركهم أي طابع حزبي.