عادت كييف مرة أخرى لتكون قبلة للوزراء والمسؤولين الغربيين بعدما خطف الصراع الدائر في الشرق الأوسط دائرة الضوء بعيدا عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا، إذ زارها 3 وزراء غربيين خلال أسبوع واحد، كان آخرهم وزير الدفاع الألماني، في إشارة لتأكيد دعمهم واستمرار مساعداتهم العسكرية مع استمرار القتال.

وجاءت زيارة وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، بعد يوم من أخرى مماثلة أجراها وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لإظهار الدعم وتقديم حزمة مساعدات بـ100 مليون دولار، وبعد 5 أيام من تواجد وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، الذي أكد التزام بريطانيا بالدعم "غير المحدود" لأوكرانيا، في خضم حربها المستمرة.

ويقول محللون عسكريون لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن من يدير المعركة في كييف ينصب تركيزه على تنصيب أنظمة الدفاع الجوي متوسطة المدى حول العاصمة ومدن الغرب، وبالتحديد حول مخازن الذخيرة والسلاح وممرات دخول الأسلحة من بولندا إلى أوكرانيا.

تأخير الكونغرس التصويت على مساعدات أوكرانيا يقلق إدارة بايدن

كما أشاروا إلى تأثر الدعم الغربي جراء الحرب في غزة، حيث تراجع الصراع بين روسيا وأوكرانيا من صدارة الزخم والاهتمام الدوليين، وبدا واضحًا في "تعنت" المشرعين الأميركيين مع سياسات الإنفاق الدفاعي لكل من أوكرانيا وإسرائيل.

زيارات وحزم مساعدات

  • أجرى وزير الدفاع الألماني زيارة إلى كييف يوم الثلاثاء، أكد خلالها على دعم بلاده لأوكرانيا، وقام بجولة في ساحة تدريب عسكرية، حيث لاحظ الطاقم الأوكراني الذي يشغل مجمع باتريوت المضاد للصواريخ، الذي قدمته ألمانيا إلى أوكرانيا.
  • كشف الوزير الألماني، عن تقديم حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 1.3 مليار دولار، تشمل 4 من الأنظمة الدفاعية "إيريس- تي"، وقذائف "155 ملم"، وألغام مضادة للدبابات من طراز بانزر.
  • على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي لن ينجح على الأرجح في الوفاء بالموعد النهائي الذي قطعه على نفسه لتسليم مليون قذيفة مدفعية إلى أوكرانيا بحلول مارس 2024، أوضح بيستوريوس أن هذه الحزمة ستتضمن حوالي 20 ألف طلقة ذخيرة بالإضافة إلى ما يقرب من 140 ألف طلقة من المقرر تسليمها العام المقبل.
  • قبلها بيوم، كان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في كييف؛ لطمأنة أوكرانيا بشأن استمرار دعم واشنطن لها، معلنًا عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 100 مليون دولار تشمل معدات للدفاع الجوي.
  • بعد 4 أيام فقط من انضمامه إلى الحكومة البريطانية، أجرى وزير الخارجية ديفيد كاميرون زيارة إلى كييف، هي الأولى من نوعها، مؤكدًا تقديم "الدعم المعنوي والدبلوماسي والاقتصادي، لكن قبل كل شيء الدعم العسكري لأوكرانيا".
  • تقول صحيفة "غارديان" البريطانية، إن القلق تزايد في أوكرانيا بشأن مستقبل الدعم العالمي، حيث أخذ الصراع في الشرق الأوسط الانتباه بعيدا عن كييف، مع العديد من التساؤلات حول الدعم المالي الغربي مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأميركية.
  • تحدث زيلينسكي عن هذا الأمر في وقت سابق، قائلا: "الآن، لا يركز العالم على الوضع في ساحة المعركة في أوكرانيا، حيث ينقسم تركيزه (على ساحات أخرى) وهذا لا يساعدنا حقا. نحن ممتنون لأن بريطانيا دعمت أوكرانيا دائما".

    أخبار ذات صلة

    باستثناء واحد.. فنلندا تغلق كل معابرها الحدودية مع روسيا
    نصف الأميركيين يرون أن مساعدات أميركا إلى أوكرانيا "كثيرة"

    صعوبات قادمة

    ويرى مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، والمسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي، وليام ألبيركي، أن أوكرانيا تواجه العديد من التحديات مع دخول فصل الشتاء وتراجع الهجوم المضاد، فمع صعوبة إجبار القوات الروسية على الخروج من البلاد خلال الفترة الماضية فإن "الأمر سيبدو أكثر تعقيدًا خلال فصل الشتاء".

    وشدد ألبيركي في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، على ضرورة الالتزام الغربي بتزويد كييف بما تحتاجه من أسلحة وذخائر، وخاصة المنظومات الدفاعية؛ لمواجهة الهجمات الروسية المتوقعة في الفترة المقبلة.

    تأثير حرب غزة

    وبشأن تداعيات الحرب في غزة، قال الباحث المتخصص في السياسات الدفاعية محمد حسن، إنه بالفعل لمس الجميع تغير الدعم الغربي لأوكرانيا تأثرًا بحرب غزة، سواءً في تراجعها بقائمة الاهتمامات الدولية أو ما يحدث في الولايات المتحدة من انتقادات للإنفاق الدفاعي الموجه إلى كييف.

    وأضاف حسن، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "إذا ما نظرنا إلى مخزونات الولايات المتحدة نجد أنها وجدت وجهة جديدة لها صوب تل أبيب، وإن كانت هذه الوجهة مؤقتة لكنها أفرغت بعضا من مخزوناتها في أوروبا وكوريا الجنوبية لإيصالها للجيش الإسرائيلي الذي يدخل حربا بالقوة الغاشمة في قطاع غزة، إلا أن الأحداث الجارية ستوضح أن ضمان الانتصار في حروب الجيل الخامس ليست التقنية ولا التكتيك وحدهما، بل ضمان تشغيل مجمعات الصناعات العسكرية بما يلبي متطلبات المعارك الطويلة".

    "حماية 360 درجة"

    واعتبر الباحث المتخصص في السياسات الدفاعية أن الحرب الروسية الأوكرانية تعكس نموذجًا لحروب الجيل الخامس، سواء من حيث التكتيكات الهجينة، التي تجمع بين أكثر الوسائل تقدما كالحرب السبرانية ومعركة الأسلحة المشتركة، وبين أكثر الوسائل بدائية مثل حرب الخنادق.

    روسيا تتصدى لهجوم أوكراني على شبه جزيرة القرم

    وعن تقديم مزيد من الدفعات الجوية وخاصة أنظمة "إيريس تي" الدفاعية للقوات الأوكرانية، حدد حسن الأسباب في عدد من النقاط:

    • المنظومة توفر حماية بزاوية 360 درجة، ويصل مداها التشغيلي إلى 40 كم بارتفاع 20 كم ضد مختلف الأهداف الجوية من صواريخ ومقاتلات ومروحيات ومسيرات وذخائر جوالة.
    • تلك المنظومة أسقطت عشرات الصواريخ الجوالة الروسية في مجال العاصمة كييف، كما اشتبكت بسجل حافل مع صواريخ "كاليبر" الروسية فوق كييف، إذ وصلت كييف للمرة الأولى في أكتوبر 2022 بنحو 4 بطاريات، قبل أن تتوافد الدفعة الثانية في 16 أبريل الماضي، والثالثة أواخر أكتوبر، مع تعهد ألمانيا بتزويد أوكرانيا بالدفعة الرابعة حالياً.
    • الحرب في أوكرانيا أصبحت معركة التكتيك ضد التكنولوجيا، ومعركة الصواريخ ضد الدفاع الجوي متعدد الطبقات، فمن يحسم الحرب الخطة العسكرية وليس السلاح نفسه، وعلى ما يبدو أن أوكرانيا لم تجيد استخدام سلاح دبابات الليوبارد الأحدث في العالم، أمام تكتيك الدفاع الهجومي الروسي انطلاقا من خطوط سوروفيكين الدفاعية.
    • من السياق المطول للحرب الهجينة، تظهر محورية أنظمة التسليح لدى كلا الطرفين، وهي أنظمة نوعية بالطبع وليست تقليدية تتراوح بين القاذفات الاستراتيجية وخطوط الدفاع الثابتة والمتحركة، وخطوط الإمداد ومجمعات الصناعات العسكرية وقدراتها الإنتاجية وصولًا إلى المسيرات والذخائر الجوالة وأنظمة الدفاع الجوي التي تحتل مكانة محورية في هذه الحرب بسبب استمرار العقيدة العسكرية الروسية على أرض المعركة والتي تعتمد بشكل رئيسي على الإغراق الصاروخي والقصف المدفعي.
    • من سياق محورية أنظمة الدفاع الجوي في حرب شرق أوروبا، فإن الأهمية القصوى تدور حول الأنظمة متوسطة المدى، بعدما كثفت روسيا استخدام الصواريخ الباليستية متوسطة المدى.