مرَّت قمة الرئيسين الأميركي جو بايدن، والصيني شي جينبينغ، في كاليفورنيا، هادئة، خالية من الاستفزازات المُتبادلة، مطلقين تصريحات تشيع تفاؤلًا، وإعلانًا بإعادة المباحثات العسكرية الثنائية، وهو ما لا يقابل بنفس التفاؤل عند خبراء.

وتعدّ القمة التي انعقدت الأربعاء، على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك)، اللقاء الأول بين الرئيسين بعد ترتيبات عسيرة وطويلة، عقب مرور أكثر من عام على سلسلة أزمات كبيرة بينهما، حبس العالم أنفاسه من أن تفجّر حربا عالمية ثالثة، خاصّةً في ملف خلافها بشأن جزيرة تايوان.

في تصريحات له مساء الأربعاء، عقب لقائه بايدن، تعهد جينبينغ بأن بلاده لن تبدأ حربا ضد أي طرف.

وقال أمام قادة من مجتمع الأعمال في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، إن "الصين لا تبحث عن مجالات النفوذ، ولن تخوض حربا باردة أو ساخنة مع أي بلد"، وإنه "متى فُتِح، فإن باب العلاقات الصينية-الأميركية لن يُغلق مجددا"، وفقا لوكالة "فرانس برس".

من ناحيته، قال بايدن إنه اتفق مع نظيره الصيني على "إبقاء خطوط الاتّصال مفتوحة"، مضيفا: "لقد اتّفقنا أنا وهو على أنّه بإمكان أيّ منّا أن يتناول الهاتف ويتّصل مباشرة، وسيتمّ الردّ عليه فورا".

ووصف الرئيس الأميركي القمة بأنها "بنّاءة ومثمرة"، مشيرا على وجه الخصوص إلى اتّفاق على استئناف المحادثات العسكرية الثنائية الرفيعة المستوى ومكافحة مخدّر الفينتانيل.

إلا أنّه حين سُئل ما إذا كان لا يزال يعتبر الزعيم الصيني "ديكتاتورا" كما وصفه في السابق، أجاب: "حسنا، إنّه ديكتاتور بمعنى أنّه رجل يدير دولة شيوعية، تقوم على نظام حكم يختلف تماما عن نظامنا".

أخبار ذات صلة

كيشيدا يعبر لشي جينبينغ عن "مخاوفه" بشأن نشاط الصين العسكري
وزير الدفاع الأميركي "يأسف" لرفض نظيره الصيني الاجتماع به

حواجز الحماية

يضع المحلل الأميركي، ريتشارد وايتز، مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون، خطوة استئناف الاتصالات العسكرية بين الجيشين الأميركي والصيني ضمن سياسة إدارة بايدن تجاه بكين، والمعتمدة على إنشاء "حواجز الحماية".

ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية" موضحا:

  • سياسة "حواجز حماية" تعني منع نشوب حرب غير مقصودة بين الصين والولايات المتحدة، وهذا من أعلى الأولويات الأمنية لواشنطن.
  • هذه السياسة ظهر تأثيرها في الموقف الأميركي من "السلوك الاستفزازي" للطائرات والسفن الحربية الصينية (في إشارة لمناوشات حصلت بين أسلحة صينية وأميركية في منطقة بحر الصين الجنوبي).
  • ومنذ أوائل تسعينيات القرن العشرين، طوَّرت بكين وواشنطن العديد من آليات إدارة الصراع. 
  • لكن في النهاية، هذا لم يمنع الصدامات بين البلدين، كما شاهدنا حين علقت بكين اتصالاتها الدفاعية بعد القصف الأميركي العرضي لسفارة الصين في بلغراد 1999، واحتجاز بكين طاقم طائرة مراقبة تابعة للبحرية الأميركية من طراز "EP-3"، بعد أن اصطدمت بمقاتلة صينية حاولت اعتراضها وإجبارها على الهبوط الاضطراري، وضغطت على الولايات المتحدة لتقديم اعتذار رسمي.
  • لم يتحسّن الوضع منذ ذلك الحين، فعندما زارت رئيسة مجلس النواب الأميركية السابقة، نانسي بيلوسي، تايوان، أغسطس 2022، علقت الصين من جانب واحد الحوارات الصينية الأميركية بشأن السلامة البحرية وتغيّر المناخ والتبادلات الدفاعية، وحين وقعت أزمة المنضاد الصيني فبراير 2023، رفض الجيش الصيني الرد على اتصال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن.
  • لذا، ليس هناك ما يشير إلى أن آليات الاتصال الجديدة لن تعاني من اضطرابات مماثلة في الأزمات المقبلة.
قمة أميركية صينية في سان فرانسيسكو

منحنى العلاقات في عام

منذ زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان، والتي احتجت بكين ضدها بقوة؛ نظرا لأنها تتهم واشنطن بتقديم دعم لـ"انفصاليين" يريدون الاستقلال بالجزيرة التي تعتبرها بكين جزءا من أراضيها، والعواصف لم تهدأ إلا قليلا بين البلدين الكبيرين.

  • ردا على تلك الزيارة، سارعت بكين، في ذات الشهر، لعمل أكبر مناورات عسكرية تجريها حول الجزيرة على الإطلاق، وبأسلحة متقدمة وتُستخدم لأول مرة، في إشارة لها مغزاها لواشنطن.
  • زاد التوتّر بعد ذلك بأيام، حين زار وفد من الكونغرس الأميركي، تايوان أيضا، لترد سفارة الصين في واشنطن بالقول إن هذه الخطوة "تثبت مرة أخرى أن الولايات المتحدة لا تريد أن ترى الاستقرار عبر مضيق تايوان، ولا تدخر جهدا لإثارة المواجهة بين الجانبين وتتدخل في شؤون الصين الداخلية".
  • ارتفع مستوى التوتر العام الجاري، بعد رصد منطاد صيني يحلق في الأجواء الأميركية في 2 فبراير، وأسقطته مقاتلتان من طراز "إف- 22"، وسط شكوك أنه يُستخدم في أنشطة تجسّس، بينما أصدرت الخارجية الصينية بيانا أبدت فيه استياءها الشديد من استخدام واشنطن القوة لمهاجمة منطادها الذي قالت إنه يقوم بأنشطة بحث علمي.
  • يتبادَل البلدان خطوات عقابية بشأن شركات كل منهما الخاصة بصناعة الرقائق الإلكترونية والتكنولوجيا الحديثة؛ وسط اتهامات متبادلة أيضا بسعي كل واحدة للسيطرة على سوق هذه التكنولوجيا في العالم، وتهديد المكانة الصناعية للدولة الأخرى.