تسابِق الجزائر الزمن لإفشال أي مخطّط للتدخل العسكري في جارتها النيجر، خشية أن تقذف عليها تداعيات هذا التدخل موجات من الإرهابيين واللاجئين، وتعطّل مشروعا اقتصاديا مهما لها في مجال الغاز.

يقوم مسؤولون جزائريون الآن بجولات في بعض دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، منها النيجر، وكذلك دول تؤيّد التدخل العسكري الذي لوّحت به "إيكواس"، وذلك في جهود وساطة تشدد على الحل السلمي.

التحركات الجزائرية الأخيرة

• الأربعاء، بدأ وزير الخارجية الجزائري، محمد عطاف، جولة تشمل 3 دول تؤيّد التدخل العسكري لإنهاء الانقلاب في النيجر، وهي نيجيريا وغانا وبنين، بهدف إقناعها بالتوصل لحل سلمي.

• وفق ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية عن بيان للخارجية، فإنّ عطاف أجرى مشاورات مُطوّلة مع نظيره النيجيري، يوسف مايتما توجار، بشأن حل سلمي يضمن العودة إلى النظام الدستوري في النيجر، وفي نفس الوقت، يُجنّبها مخاطر التدخل العسكري "التي لا يمكن التنبؤ بها".

• الخميس، بدأ الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية، لوناس مقرمان، بزيارة إلى النيجر لإيجاد حل سياسي للأزمة.

أخبار ذات صلة

بعد مقتل بريغوجين.. ما هو مستقبل "فاغنر" في إفريقيا؟
رئيس تشاد الانتقالي يرابط على الحدود وفصيل جديد ينضم للتمرد

دوافع وساطة الجزائر

وفق تقدير المحلل السياسي المقيم في السنغال، جيل يابي، المتخصّص في شؤون غرب إفريقيا، فإن الجزائر مدفوعة بمخاوف اقتصادية وسياسية وأمنية إذا ما تفجّر صراع مسلح داخل جارتها النيجر، ومنها حسب قوله لموقع "سكاي نيوز عربية":

• تشترك الجزائر في حدود تمتد نحو ألف كيلومتر مع النيجر، ما يعني أن أي تدخّل عسكري وانشغال الجيش النيجري عن تأمين الحدود سيضعان العبء كله على الجيش الجزائري.

• هذه الحدود الطويلة تعني أن أي اضطرابات كبيرة داخل النيجر، مع ضعف الرقابة على الحدود، ستقذف بأعداد كبيرة من الإرهابيين وتجار التهريب للأراضي الجزائرية.

• كذلك ستتدفّق أعداد كبيرة من اللاجئين من النيجر إلى أراضيها.

• الجزائر قد تجد نفسها مضطرة للتدخل واتخاذ التدابير اللازمة تجاه التدهور الأمني الذي قد يحدث في أي وقت بالمنطقة.

وإضافة لما سبق، تحدّثت مصادر عن خشية الجزائر مِن أن يهدِّد التدخل العسكري مشروع غاز مهم لها، حيث إن النيجر من الدول التي يمر بها مشروع أنبوب الغاز الذي يبدأ من نيجيريا، ويمر عبر الصحراء في النيجر، ثم إلى الجزائر، وصولا بعد ذلك لأوروبا.

سبق أن شدد الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، في 6 أغسطس الجاري، على أنه "يرفض رفضا قاطعا أي تدخل عسكري" من خارج النيجر، وأنه "تهديد مباشر للجزائر".

أضاف خلال مقابلة بثها التلفزيون الوطني: "لن يكون هناك حل بدوننا. نحن أوّل المعنيين"، متسائلا: "ما هي أوضاع الدول التي شهدت تدخلا عسكريا اليوم؟"، و"انظروا أين أصبحت ليبيا وسوريا".

أهمية أجواء الجزائر لفرنسا

الثلاثاء، أفادت الإذاعة الجزائرية الرسمية بأن الجزائر رفضت طلبا من فرنسا بفتح أجوائها لعبور طائراتها إلى النيجر، حال تقرر تدخل عسكري ضد نيامي.

من جانبها، نفت باريس على لسان رئيس هيئة أركان الدفاع، فريق أول فرانسوا لوكوانتر، في ذات اليوم، أن تكون قد طلبت من الجزائر استخدام مجالها الجوي لهذا الغرض.

نشرت مواقع معنية برصد المسافات وحركة الطيران بين الدول، ومنها "ديستانس وورلد"، و"أفيتيا"، إضافة إلى وكالة "سبوتنيك" الروسية، معلومات بشأن مزايا موقع الجزائر بالنسبة إلى فرنسا في هذا الصدد:

• المسافة بين باريس ونيامي عبر الأجواء الجزائرية 3930 كم، ولذا فالجزائر هي أقصر مسار للطائرات الحربية الفرنسية إن قرّرت مهاجمة النيجر، مقارنة بأي مسار آخر، مثل أجواء تونس وليبيا والمغرب وغيرها.

• المقاتلات الفرنسية لن تحتاج إلى الهبوط في قواعد أرضية إذا تم تزويدها بالوقود في جنوب الجزائر.

• لن تضطر فرنسا للتنسيق مع أكثر من دولة لتنفيذ عملياتها العسكرية.

• المسافة بين فرنسا والنيجر عبر أجواء الجزائر تصل لنحو 4 آلاف كليومتر وسرعة مقاتلات "رافال" الفرنسية نحو 1912 كيلومترا، ما يجعلها قادرة على تنفيذ العمليات والعودة إلى فرنسا خلال 4 ساعات.