في أول هزَّة لنتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية على أكبر الأحزاب الموالية للأكراد في البلاد، أعلن مدحت سنجار وبرفين بولدان، الرئيسان المشتركان لحزب الشعوب الديمقراطي، عدم ترشحهما لقيادة الحزب الفترة المقبلة بعد تراجع التصويت له.

وأرجع القياديان، في بيان للحزب، إلى أنهما لم يتمكنا من الوصول إلى الأهداف، مشيرين إلى أن نتائج الانتخابات، التي جرت في 14 و28 مايو، لم تكن هزيمة لحزب الشعوب الديمقراطي، لكن أيضا لم تتم إدارة العملية الانتخابية بشكل جيد، ولم يتم نقل أفكار الحزب لجميع الفئات المستهدفة.

النقد الذاتي

وبحسب برفين بولدان، سيُعقد قريبا مؤتمرا عاما للحزب لانتخابات قيادة جديدة، قائلة: "سأكون سعيدة بتسليم مهمة الرئيس المشارك في المؤتمر إلى شخص آخر، وأود أن أقول إنني لن أشارك في عملية صنع القرار، سنكون مسؤولين أمام شعبنا، وسنكون مسؤولين أمام النساء، وسنكون مسؤولين أمام أولئك الذين صوتوا".

جاء النقد الذاتي على لسان مدحت سنجار بشكل أكثر حدة، قائلا إنهم يعتبرون أنفسهم "فاشلين" في الوصول لمعدل التصويت اللازم، مضيفا: "سأستقيل من منصبي كرئيس مشارك للحزب، نريد تمهيد الطريق لجميع اللجان للقيام بعملية النقد والنقد الذاتي والمحاسبة".

مؤشرات تراجع التصويت

  • حزب الشعوب الديمقراطي هو الأكثر استقطابا للصوت الكردي في تركيا، ويشكل نحو 20 بالمئة من مجموع الكتلة الانتخابية.
  • يتركز الصوت الكردي في الولايات ذات الغالبية الكردية في جنوب وشرقي البلاد، مثل ديار بكر ووان وماردين وباتمان وشرناخ، فضلا عن وجود ملايين الأصوات الكردية في كبريات المدن التركية مثل إسطنبول وأنقرة وأزمير.
  • حصد نسبة أقل من 9 بالمئة من أصوات الناخبين؛ أي قرابة 4 ملايين و575 ألف صوتا، بواقع 61 مقعدا، بعد أن بلغت نسبة ما حصده في انتخابات 2018 نحو 12 بالمئة وبعدد أصوات بلغ قرابة 5 ملايين و868 ألف وبواقع 67 مقعدا .
  • يعني هذا تراجع الحزب بنسبة 3 بالمئة بواقع نحو مليون و300 ألف صوت، فاقدا 6 مقاعد برلمانية، بدلا من زيادة نسبة أصواته ومقاعده، وكان البعض يأمل وقت الدعاية الانتخابية أن يحصد 100 مقعد.

أخبار ذات صلة

حكومة تركيا الجديدة.. ما أبرز الملفات الخارجية التي تنتظرها؟
المتمرس حكوميا وبرلمانيا.. جودت يلماز نائب أردوغان الجديد

أسباب التراجع

يُحلل الباحث والخبير بالشؤون التركية جمال أريز، لموقع "سكاي نيوز عربية" ما يراها أسباب هذا التراجع:

  • لا شك هذا التراجع النسبي لم يكن متوقعا وسط التحولات التي طرأت على الوضع الداخلي التركي، مثل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، والملقى فيها المسؤولية على حزب العدالة والتنمية الحاكم، وخاصة بعد زلزال 6 فبراير.
  • لكن لابد من الاعتراف بأن قطاعات كبيرة من المحافظين والمتأثرين بالدعاية الدينية للحزب الحاكم وحلفائه، كحزب هدى بار الكردي الإسلامي، تصوت للرئيس رجب طيب ردوغان وبنسب لا تقل عن ثلث الصوت الانتخابي الكردي؛ ولهذا فالعدالة والتنمية يحتل عامة المرتبة الثانية في حصد أصوات الولايات ذات الغالبية الكردية.
  • صحيح أن حزب الشعوب الديمقراطي هو الأول في المناطق الكردية، لكن هذا لا يعفي أنه قد تراجعت أصواته، ومن أسباب ذلك أيضا حملات القمع والتضييق الواسعة التي يتعرض لها؛ حيث يقبع آلاف من قياداته وأعضاءه ومناصريه في السجون، على رأسهم زعيمه السابق صلاح الدين دميرتاش، وهو ما ينعكس سلبا على أداء الحزب الانتخابي سياسيا وتنظيميا وتحشيديا .
  • دعم الحزب لمرشح تحالف الأمة المعارض في الانتخابات الرئاسية، كمال كليجدار أوغلو، قوبل باختلاف الآراء حوله في القواعد الانتخابية، فعارضه بعض الأكراد؛ لأنه ليس لديه حسب رأيهم رؤية واضحة ومتكاملة لمعالجة المسألة الكردية، فيما كان آخرون يرون أن مجرد فوزه أمام أردوغان يخدم حل القضية الكردية.