تواصل وكالات الاستخبارات الأميركية، العمل بشكل دؤوب لمعرفة ملابسات دخول المنطاد الصيني إلى أجواء الولايات المتحدة، مؤخرا، قبل إسقاطه، وسط مؤشرات متزايدة تعزز "الرواية الصينية"، بشأن انحرافه على نحو غير مقصود، أو تجعلها "واردة" وغير مستبعدة على الأقل.

وفي أحدث تطور، ذكرت وسائل إعلام أميركية من بينها "سي إن إن"، أن مسؤولي المخابرات في الولايات المتحدة ينظرون بشكل جدي في احتمال ألا يكون المنطاد قد دخل على نحو متعمد إلى أجواء الولايات المتحدة.

وأجج المنطاد الصيني أزمة ديبلوماسية بين واشنطن وبكين، وأدى لإلغاء زيارة كان وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، ينوي القيام بها إلى البلد الآسيوي، لأجل بحث سبل التعاون.

فرضية الرياح

ويوم الأربعاء، أقر مسؤولون أميركيون، لم يجر ذكر أسمائهم، بأنه من الوارد أن تكون رياحٌ قوية وراء انحراف المنطاد الذي أكدت الصين مرارا أنه لم يدخل أجواء الولايات المتحدة بشكل متعمد.

وتشكل هذه التقارير مؤشرا على أن الولايات المتحدة غير مقتنعة على نحو جازم حتى الآن بأن المنطاد الذي جرى إسقاطه قبالة ساحل كارولينا الجنوبية، قد قصد الأجواء الأميركية لأجل غاية واضحة هي التجسس.

وفي المنحى نفسه، ذكرت الصحيفة أن وكالات المخابرات، إلى جانب الجيش الأميركي، كانت على اطلاع بشأن المنطاد منذ أن تم إطلاقه من قاعدة في جزيرة هينان، على مقربة من الساحل الجنوبي للصين.

وكان المنطاد يتجه شرقا، ثم تحول فجأة إلى الشمال، وعقب ذلك، طار  فوق جزر "أولويتان" التابعة لولاية ألاسكا، على بعد آلاف الأميال من جزيرة غوام.

ثم انحرف إلى أجواء كندا، حيث قابلته رياح شديدة يفترض أنها دفعته إلى الجنوب؛ أي إلى أجواء الولايات المتحدة تحديدا.

مواقف متضاربة

ويوم الثلاثاء، أكد البيت الأبيض إسقاط 3 أجسام طائرة في شمال أميركا، خلال الأسبوع الماضي، موضحا أنها لم تشكل خطرا محدقا بالأمن القومي.

وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، إن وكالات الاستخبارات لن تستبعد أن تكون الأجسام الثلاثة الطائرة مملوكة لهيئات تجارية بحثية وغير مسخرة بـ"نوايا سيئة".

في هذا الصدد، نقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول أميركي قوله إن عبور المنطاد الصيني لأجواء الولايات المتحدة شكل خرقا للسيادة الأميركية، مضيفا أن مساره فوق مواقع نووية حساسة في ولاية مونتانا لم يكن بالحدث العرضي.

نطاق أوسع للصراع

ثمة من يرى أن الأزمة الحالية ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد، لأن القلق الأميركي لم يؤججه المنطاد فقط، بل ما يوصف بالصعود الصيني الكبير في مجال التقنيات وبحوث الفضاء.

وبحسب تقديرات جامعة "جورج تاون"، فإن عدد الحاصلين على شهادة الدكتوراه في تخصص العلوم بالصين، سيصل في سنة 2025 إلى ضعف عدد الخريجين في الولايات المتحدة.

وفي هذا الصدد، قال مدير مكتب الاستخبارات البحرية الأميركية، الأدميرال، مايكل ستودمان، إن حادث المنطاد يجب أن يكون جرس إنذار إزاء "التهديدات الصينية المحدقة بالنظام الدولي"، حسب قوله.

وأضاف أن الصين لا تدخر جهدا إزاء أي وسيلة تتيح لها التجسس على الولايات المتحدة.

أخبار ذات صلة

"رجل المناطيد".. من هو العالم الصيني الذي "حير" واشنطن؟
بكين وواشنطن.. "حادثة 4 فبراير" علامة على تدهور العلاقات