تشهد مالي تنافسا محموما بين الجماعات الإرهابية ومجموعة "فاغنر" الروسية، على الثروات الطبيعية والمعادن في الدولة الإفريقية.

ومنذ أن وصلت "فاغنر"، المتخصصة في توريد المقاتلين لمناطق الصراع، إلى مالي قبل أشهر، وهي تركز على مناطق التعدين وسط وجنوب البلاد، بينما كان الهدف من استعانة الجيش المالي بهذه المجموعة هو طرد الإرهابيين.

وبدورها، تركز الجماعات الإرهابية على استنزاف الثروات المعدنية، ومدَّت في الآونة الأخيرة هجماتها إلى وسط مالي ومناطق أخرى غنية بالمواد الخام.

خطة "فاغنر" للمواد الخام

استغلت روسيا توتر العلاقات بين المجلس العسكري الحاكم والقوات الفرنسية لتتقرب إلى مالي بالمساعدات العسكرية وتحل محل الفرنسيين.

وبعد اتفاق مع باماكو بأن تنشر "فاغنر" كتيبة من 1000 مقاتل، جاء المقاتلون ومعهم خبراء للتعدين والتنقيب.

وفي هذا، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولي أمن غربيين، أن "فاغنر" التي يقودها رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوزين، المعروف باسم "طاهي بوتن"، أرسلت جيولوجيين لاستكشاف المعادن في مالي.

وفي هذا السبيل، مارست "فاغنر" تهجيرًا للسكان في المناطق الغنية بالمعادن، حسب الصحيفة.

ورصدت إحصاءات الأمم المتحدة ارتفاع اللجوء إلى مخيم أمبره للاجئين الماليين بموريتانيا، ومن ذلك تسجيل 7 آلاف لاجئ جديد خلال مارس وأبريل.

البحث عن الكنوز

لا يفاجئ سعي "فاغنر" وراء الذهب في مالي الكثيرين؛ فيعلق المحلل السياسي المتخصص بمنطقة الساحل وغرب إفريقيا، غوتييه باسكيت، لموقع "سكاي نيوز عربية" بأن هذا "أمر متوقع في ظل سياسة الشركة للبحث عن المعادن".

ودخلت "فاغنر" مرحلة الاتفاقيات مع الحكومة بهذا الشأن، فحسب "غوتييه" فإن المسؤول بالشركة، ديمتري أوتكين، حصل على 78 في المئة من أسهم الشركة الوطنية المسؤولة عن تعدين الذهب وتكريره (MARENA GOLD).

وتوجد أربع شركات دولية منافسة للروس تعمل في مناجم ذهب مالي، وهي "BarrickGold"، شركة دولية مقرها كندا، و"Resolute Mining" الأسترالية، و"AngloGold Ashanti" من جنوب إفريقيا، و"B2GOLD" شركة تعدين كندية.

وسبق أن حطَّت "فاغنر" في إفريقيا الوسطى لدعم الرئيس فوستين أرشانج تواديرا ضد المتمردين، مقابل الوصول لمناطق الألماس والذهب واليورانيوم، وتكرر الأمر في السودان، وفق تقارير غربية.

أخبار ذات صلة

صراع النفوذ الروسي الفرنسي في الساحل.. النيجر نقطة الارتكاز
بعد فتوى "التكفير والقتل".. "داعش" يركز هجماته في بلد إفريقي

حصة مالي من الذهب

ومالي هي ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا بعد غانا وجنوب إفريقيا، وبلغ إنتاجها من الذهب الصناعي 63.4 أطنان عام 2021، وتقدر وزارة المناجم أن مالي لديها 800 طن من رواسب الذهب.

وإلى جانب الذهب، تمتلك مالي مليوني طن من خام الحديد، وخمسة آلاف طن من اليورانيوم، و20 مليون طن من المنغنيز، وأربعة ملايين طن من الليثيوم، وعشرة ملايين طن من الحجر الجيري، حسب الوزارة.

صراع الإرهابيين و"فاغنر"

وفي تقدير العضو المؤسس في "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" بشمال مالي، بكاي أغ حمد، فإن تنظيم داعش الإرهابي بدوره يسعى إلى السيطرة على ولاية "ميناكا" لأنها غنية بالمواد الخام.

وبالفعل سيطر داعش وجماعة "نصرة الإٍسلام والمسلمين" الموالية لتنظيم القاعدة الإرهابي على مناطق حدودية يسهل تهريب المعادن عبرها، ويهجرون السكان لتسهيل التنقيب.

وقبل أيام، زعمت "نصرة الإسلام والمسلمين"، أنها قتلت 4 من مقاتلي "فاغنر" في كمين، مما يؤشر لبدء صراع مفتوح بين الجانبين.

وتعمل "فاغنر" كمستقلة في التعاقد على توريد مقاتليها لسوريا وليبيا ومالي وإفريقيا الوسطى وأوكرانيا، لكن أجهزة غربية تتحدث عن علاقتها بأجهزة الاستخبارات الروسية، وتستهدف المناطق الحساسة بالنسبة إلى النفوذ الأوروبي والأميركي.

و"فاغنر" تأسست عام 2014 على يد ديمتري أوتكين، العميد السابق في الاستخبارات العسكرية الروسية، وظهرت لأول مرة شرقي أوكرانيا.