كتبت رصاصتان، الجمعة، الصفحة الأخيرة من حياة رئيس الوزراء الياباني الأسبق، شينزو آبي، الذي يعد الشخصية السياسية الأكثر بقاءً في السلطة بالبلاد، ويعتبر في نظر كثيرين منقذها بعد سنوات عجاف.

وكانت وسائل إعلام رسمية يابانية أكدت في وقت سابق، الجمعة، وفاة شينزو آبي (67) عاما، متأثرا بإصابته برصاصتين أطلقهما عليه رجل خلال تجمع انتخابي بمدينة نارا غربي اليابان، حيث كان آبي يدلي فيه بخطاب أمام أنصاره.

ورصدت مقاطع فيديو آبي وهو يلقي كلمة قرب محطة القطارات في نارا، حيث سمع دوي طلقتين ناريتين.

الأصغر والأقوى

وتولى آبي رئاسة الوزراء للمرة الأولى في عام 2006، وكان أصغر من تولى هذا المنصب في البلاد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

واعتبر كثيرون أن ذلك تغييرا في السياسة اليابانية لصالح فئة الشباب، ووصفته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية بأنه أقوى قادة البلاد منذ الحرب الكونية.

وكان عمر شينزو آبي حينها (51 عاما).

أخبار ذات صلة

هذه تفاصيل اغتيال شينزو آبي.. وأول صورة للقاتل
اليابان.. وفاة شينزو آبي بعد تعرضه لإطلاق النار

ولم يمض آبي في الحكم سوى عام واحد، إذ اضطر للاستقالة التي كانت مفاجئة لكثيرين، عازيا ذلك إلى اعتلال صحته، علما بأن ذلك العام شهد فضائح سياسية وغضب الناخبين من فقد سجلات خاصة بمعاشات التقاعد وهزيمة تكبدها حزبه الليبرالي الحاكم في الانتخابات.

شينزو آبي المنقذ

وتولى آبي المنصب من جديد في 2012، ووصف حينها بـ"المنقذ" بعد سياسات الحزب الديمقراطي المنافس التي أدت إلى فقدان اليابان مرتبة أكبر اقتصاد في آسيا، وترافق ذلك مع كارثة فوكوشيما النووية عام 2011.

وظل آبي في السلطة حتى 2020 أيضا لاعتلال صحته، وهو أطول رئيس وزراء في اليابان بقاء في المنصب.

وخلال الولاية الثانية، كان آبي قد تمرّس في السياسة أكثر وأطلق استراتيجية اقتصادية عرفت باسم "آبينوميكس"، التي أدت إلى جعل الاقتصاد الياباني أكثر قوة، لكنها لم تحقق كل ما وعد به.

وكان من المقرر أن يظل رئيس الوزراء الياباني في الحكم حتى سبتمبر 2021، حينما تنتهي فترة رئاسته للحزب، وهو ما كان سيسمح له بحضور مناسبة تاريخية هي "أولمبياد طوكيو 2020" التي جرى تأجيلها بسبب وباء كورونا.

وأخذ عليه منتقدوه أن استجابته لأزمة جائحة كورونا كانت بطيئة ومرتبكة، وهو الأمر الذي أدى إلى هبوط شعبيته إلى أدنى مستوى له.

وبعد التنحي الثاني، ظل آبي حاضرا ومهيمنا على الحزب الليبرالي الحاكم، نظرا لنفوذه على أحد أجنحته الرئيسية.

وعلى الصعيد الدولي، حافظ آبي على تحالف بلاده مع الولايات المتحدة وعمل على تعزيزه، واتخذ موقفا حازما إزاء كوريا الشمالية، بسبب تجاربها الصاروخية.

كما أن علاقات بلاده مع الجيران مثل الصين وكوريا الجنوبية شهدت توترا، خاصة بعدما سن قانون يسمح للقوات اليابانية بالقتال في الخارج.

سليل عائلة سياسية

وينتمي شينزو آبي، الذي ولد في طوكيو عام 1954،  إلى عائلة سياسية عريقة، ويعد من الجيل الثالث فيها. وكان والده شينتارو آبي يشغل منصب كبير موظفي مجلس الوزراء، الذي يُنظر إليه على أنه ثاني أقوى منصب في البلاد.

وتخرج رئيس وزراء اليابان الأسبق في عام 1977 من جامعة سيكي اليابانية، حيث نال شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية والإدارة العامة، وانتقل بعدها إلى الولايات المتحدة حيث درس في جامعة كاليفورنيا الجنوبية موضوع السياسة العامة.

وبدأ عمله في مجال شركة للحديد والصلب، قبل أن يدخل عالم السياسة، حيث انتخب عام 1993 نائبا في البرلمان الياباني، وبعدها بدأ نجمه السياسي يبرز.