حتى الليلة الماضية، بدا أن خيار الاستقالة مستبعدا لرئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، واعتقد محللون أنه كان من الممكن أن ينجو من الأزمة الحالية، خاصة أنه نجا من أزمات مماثلة في السابق.

وتسارعت تطورات الأزمة السياسية في بريطانيا، خلال الساعات الأخيرة، إذ ارتفع عدد الاستقالات بين المسؤولين في حزب المحافظين الحاكم إلى 55.

وذكرت تقارير إخبارية أن جونسون سيدلي ببيان "هام" خلال الساعات المقبلة، سيُعلن فيه على الأرجح استقالته بعدما تكثفت الضغوط عليه.

ويعود جذر الأزمة السياسية في البلاد إلى تورط رئيس الوزراء البريطاني في حفلات بمقر الحكومة في وقت كانت بريطانيا ترزح تحت إغلاق فيروس كورونا، وكانت تلك الحفلات خرقا لقواعد الإغلاق.

وحتى أن وزير المالية  الجديد، ناظم الزهاوي، الذي عُين الأربعاء، دعا رئيس الحكومة إلى الاستقالة، مما يقلص إلى حد كبير حجم المؤيدين لجونسون.

الليلة الحاسمة

ويقول الكاتب والباحث والسياسي، محمد قواص، إن سيناريو نجاة جونسون كان ورادا حتى الليل، لأنه تمكن من اجتياز العديد من الاختبارات في هذا الشأن.

وأضاف قواص في حديث لـ"سكاي نيوز عربية" أن هناك صراعا داخليا في حزب المحافظين بإمكانه أن ينقذ هذه المرة، لكن الأمر لم يكن ذلك فحزب المحافظين يريد أن ينقذ نفسه من خلال التخلص من جونسون.

أخبار ذات صلة

"كرة الثلج" تتدحرج في بريطانيا.. وجونسون بصدد "قرار مهم"
استقالات مستمرة داخل حكومة بريطانيا.. وجونسون "سيقاوم"
بعد "تسونامي الاستقالات".. مصير جونسون بين طريقين
من "حفلات كورونا" إلى شفير الإقالة.. ماذا حدث لجونسون؟

وكان جونسون يعول على ما تبقى له من حلفاء ويعول على انقسام حزبه، لكن خلال الليل الاستقالات تجاوزت ما هو مقبول، وإمكانية عزله داخل حزب المحافظين عن طريق اللجنة 1922 أصبحت ممكنة، بحسب قواص.

وتابع: "إن مَن ضغط على جونسون هم أنصاره، فما كان منه إلا البحث عن مخرج مشرف، وسيكشف في وقت لاحق عن تفاصيله في البيان الهام الذي سيدلي به".

تراكم أخطاء

أما الكاتب حميد الكفائي، فيقول في إن هناك تراكم أخطاء لرئيس الوزراء، وكلها تتعلق بمصداقيته، وهو ما أدى في النهاية إلى الأزمة التي تسارعت أحداثها في الساعات الأخيرة.

وأضاف الكفائي لـ"سكاي نيوز عربية" أن جونسون أدلى البرلمان بأشياء لم تكن صحيحة، وكذلك استهان بالقوانين المعمول بها، وهذا أمر يهم البريطانيين، إذ يرون أنه يجب على المسؤولين الالتزام بالقانون.

وبدا أن جونسون ومن معه يشعرون بأنهم فوق القانون ولا يعنيهم بل يعني الآخرين، بحسب الكفائي، الذي اعتبر أن هذا الأمر أساء لسمعة حزب المحافظين.

وأوضح: "لو كان الأمر متعلقا بقضية واحدة لتجازوها البريطانيون، لكن هناك تراكم واستهانة بالقانون، وما اعتبرها كثيرون أكاذيب، وهي أمور خطيرة ولم يفعلها أحد من قبله (جونسون) في السياسة البريطانية".

وقال الكفائي إن حزب المحافظين شعر بأن جونسون لن يقوده إلى فوز، وذلك قبل عامين من موعد الانتخابات، وهو ما دفع نحو هذا الوضع.

عنصرا التمسك بالمنصب

وكان مستغربا من جونسون الحاذق في السياسة، بحسب الكفائي، أن يتجاهل هذه الآراء وكل أعضاء حزبه.

وقال إن الوزراء نصحوا جونسون لأنه أصبح عبئا على الحزب والدولة، من وجهة نظرهم، واقتنع في النهاية بأنه يجب أن يرحل.

وكان رئيس الوزراء البريطاني يعول على أن أحدا لا يستطيع تحدي زعامته، كما كان يعول على أن الضوابط في حزب المحافظين تعطيه حصانة لمدة عام.