بعد طول انتظار وشد وجذب، أوصت المفوضية الأوروبية، الجمعة، بمنح أوكرانيا صفة الدولة المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي التي تسعى إليها كييف بقوة، حسبما أعلنت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين.

لكن الضوء الأخضر من المفوضية ترافقه شروط، وينبغي أن تتم المصادقة عليه بإجماع الدول الـ27 الأعضاء في التكتل الأوروبي قبل بدء مفاوضات طويلة وشاقة.

ولم تبت المفوضية من قبل بهذه السرعة في طلب ترشيح أصبح مسألة عاجلة، بسبب الحرب التي تشنها روسيا منذ نحو 4 أشهر، وتعد هذه التوصية جزءا من الدعم الذي يقدمه الأوروبيون لأوكرانيا في مواجهة روسيا.

وخلال زيارة إلى كييف، الخميس، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي رافقه المستشار الألماني أولاف شولتز ورئيس الحكومة الإيطالية ماريو دراغي، إن باريس وبرلين وروما تؤيد منح أوكرانيا وضع الدولة المرشحة رسميا "فورا".

وتعليقا على هذه التوصية وما سيترتب عليها فيما يخص ملف عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، يقول خليل عزيمة الأكاديمي والباحث الخبير بالشؤون الأوكرانية، في لقاء مع "سكاي نيوز عربية": "رغم أن قرار المفوضية الأوروبية هذا جريء ومهم جدا فيما يتعلق بعضوية كييف بالاتحاد الأوروبي، لكن بسبب عدم وجود موقف أوروبي موحد حول أوكرانيا، فالواضح أن هذه التوصية ستصطدم غالبا بالحديث عن ضرورة تنفيذ متطلبات وشروط الانضمام للاتحاد الأوروبي".

وأضاف: "أوكرانيا الآن غير مؤهلة للالتحاق وعليها إجراء الإصلاحات ومحاربة الفساد وغير ذلك من مستلزمات ومعايير الانضمام، وبالتالي فنحن ربما أمام إعادة لنفس سيناريو المماطلة بالانضمام للناتو".

وأوضح عزيمة: "حسب العديد من التصريحات الأوروبية طيلة الفترة الماضية تؤكد العديد من مراكز القرار الأوروبي، على أن انضمام أوكرانيا للمنظومة الأوروبية يلزمه سنوات طوال".

وذكر الخبير بالشؤون الأوكرانية: "أعتقد أن الاتحاد الأوروبي سيماطل في مسألة اتخاذ القرار بالفعل وترجمة هذه التوصية بشكل ملموس، في انتظار نتائج الحرب على أوكرانيا وترتيبات ما بعدها، بمعنى بأي شكل ستنتهي وكيف ستكون أوكرانيا ما بعد الحرب، فإذا إن تصر ستكون موحدة وعندها يمكن النظر في انضمامها، إما إن لم تنتصر وتم فرض اتفاق سلام عليها يقضي بالتنازل عن الأراضي أو تقسيم أوكرانيا، فعندها سيتم النظر في ضم الجزء الغربي للاتحاد الأوروبي".

من جهته، يقول رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية رائد العزاوي في حديث مع "سكاي نيوز عربية": "بغض النظر عن هذه التوصية وهي غير ملزمة طبعا، من الصعب بل والمستحيل على الاتحاد الأوروبي قبول عضوية دولة هي في حالة حرب وتعاني تاليا من اضطرابات وقلاقل داخلية وخارجية، علاوة على أن بروكسل تعتقد أن أوكرانيا لا زالت بعيدة جدا عن تلبية وإبقاء شروط أساسية لنيل عضوية النادي الأوروبي، من قبيل صون الحريات كحرية الرأي والتعبير والتعددية، وتطوير بيئة اقتصادية دينامية أكثر انفتاحا وانتاجية وتنافسية، ولا ننسى أن غياب الاستقرار الديمقراطي والسياسي وتاليا الأمني هو عامل مثبط بصورة خطيرة فيما يخص تقييم طلب العضوية الأوكرانية".

أخبار ذات صلة

الحرب تستعر شرقي أوكرانيا.. و"فرصة" من أجل الحلم الأوروبي
توصية بمنح أوكرانيا صفة "دولة مرشحة للاتحاد الأوروبي"
إشارة قوية لروسيا.. ماكرون: أوكرانيا تنتمي للعائلة الأوروبية
غازبروم: هذا منتجنا وهذه قواعدنا.. وسنخفض الإمدادات لأوروبا

وتابع: "التوصية في الغالب تمثل ترك الباب مواربا، وهي تندرج كدعم معنوي لكييف وهي تخوض غمار حرب شرسة مع موسكو منذ أشهر، أكثر منها قرارا قابلا للتطبيق العملي، فحظوظ هذه التوصية في التحول لقرار أوروبي نافذ وملزم تكاد تكون معدومة، لا سيما وأنه سيكون هناك انقسامات حادة حول عضوية كييف بين الدول الأعضاء، بين من سيعتبر ذلك زجا للاتحاد الأوروبي في صراع مكلف ومديد مع الروس، وبين من سيدافع عنها من منطلق أن أوكرانيا بصمودها بوجه روسيا تستحق مثل هذه المكافأة المجزية".

وقدمت كييف ترشيحها في أواخر شهر فبراير عقب بدء الحرب، ومنذ ذلك الحين لم يكف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن وضع الاتحاد الأوروبي أمام تحد لإثبات أن "الأقوال حول انتماء الشعب الأوكراني إلى الأسرة الأوروبية ليست كلاما فارغا".

ولتصبح مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، يجب أن تحقق أي دولة سلسلة من المعايير السياسية (الديمقراطية وسيادة القانون وحماية الأقليات)، والاقتصادية (اقتصاد السوق القابل للاستمرار)، والالتزام بإدخال قواعد القانون الأوروبي.

وتربط أوكرانيا أساسا بالاتحاد الأوروبي اتفاقية شراكة دخلت حيز التنفيذ في شهر سبتمبر من عام 2017.

واعترفت رئيسة المفوضية الأوروبية التي زارت أوكرانيا مرتين، أن سلطات البلاد "فعلت الكثير" استعدادا لترشيحها، لكنها قالت إنه لا يزال هناك "الكثير لتفعله"، خصوصا فيما يتعلق بمكافحة الفساد واحترام سيادة القانون.

وما زال الفساد مستشريا في أوكرانيا، ففي تقريرها لعام 2021 صنفت منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية هذا البلد في المرتبة 122 من أصل 180 بلدا.

وهذا أفضل مما كانت عليه في 2014 عندما كانت تحتل المرتبة 142، لكنها ما زالت بعيدة جدا عن بلوغ سوية جيرانها في الاتحاد الأوروبي.