يستعد الفرنسيون للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، الأحد، لتحديد المرشح الذي سيتسلم مفاتيح الإليزيه ويحكم البلاد طيلة الخمس سنوات المقبلة.

وحسب آخر استطلاعات الرأي فالمنافسة تشتد بين الرئيس المنتهية ولايته، إيمانويل ماكرون، ومرشحة حزب التجمع الوطني، مارين لوبن. فوفقا لاستطلاع أجرته وكالة "إلاب" الذي نُشر يوم الجمعة، فقد حصل إيمانويل ماكرون على 26 بالمئة من نوايا التصويت ومارين لوبن بنسبة 25 بالمئة، بفارق نقطة واحدة في الجولة الأولى.

وتعتبر قضية الهجرة ومستقبل المهاجرين من بين الملفات الشائكة التي خلقت جدلا بين المرشحين الاثني عشر، إذ يعتبر معسكر اليمين الكلاسيكي والمتطرف في شخص لوبن ومؤسس حزب "استعادة فرنسا"، اليميني المتطرف، إيريك زمور، أن القوانين الحالية يجب أن تصبح أكثر تشددا اتجاه المهاجرين لتحمي الهوية الفرنسية فيما معسكر اليسار يفتح أذرعه لهم، ويسعى لتيسير عملية دخولهم للتراب الفرنسي وإدماجهم داخل المجتمع.

ووفقا لآخر أرقام المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية الفرنسي التي تعود إلى عام 2021، يوجد 7 ملايين مهاجر في فرنسا، أي 10.3 في المئة من 67.6 مليون فرنسي، من بينهم 2.5 مليون حصلوا على الجنسية الفرنسية، وحوالي نصف المهاجرين الذين يعيشون في فرنسا (47.5 بالمئة) ولدوا في إفريقيا، أي ما يقرب من 3.3 مليون شخص. ويقدر مرصد العلمانية أنه في عام 2019، كان هناك حوالي خمسة ملايين فرنسي مسلم في البلاد.

عزوف عن التصويت

ويسمح القانون الفرنسي للمهاجرين الحاصلين على الجنسية الفرنسية بالمشاركة في الاستحقاق الانتخابي والإدلاء بأصواتهم.

إلا أن المحلل السياسي، بنجامين موريل، يرى في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن أغلبية الفرنسيين من أصول مهاجرة، القادمة من بلدان شمال إفريقيا أو جنوب الصحراء تعزف عن الإدلاء بأصواتها في أي استحقاق انتخابي.

وعن أسباب هذه المشاركة الضعيفة، يوضح المحلل السياسي أن "الأغلبية من المهاجرين الذين يتعدى سنهم 18 عاما، ويقطنون على هوامش المدن، لا يتسجلون في الأغلب في اللوائح الانتخابية قبل ستة أسابيع من افتراع الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، مما يحرمهم من حق المشاركة في هذا الفعل الديمقراطي".

ويضيف: "كما أنه وبحكم غيابهم عن البحوث الميدانية، يصعب حشدهم والوصول إليهم. وفي ظل الفشل في تحدي تعبئة هذه الفئة من المواطنين وبالنظر للحملة الانتخابية التي خاضها مرشح اليسار، جون لوك ميلنشون، فإنه من المحتمل بشكل كبير أن يقدموا صوتهم له".

ويتابع: "أما الفئة التي ترفض التصويت، فهي تأخذ موقفا حادا من النقاشات السياسية في الحملة الانتخابية التي تكون في أغلبها مخطئة".

وأمام التخوفات الكبيرة من خطر الامتناع عن التصويت الذي يحوم أكثر من أي وقت مضى حول اقتراع الأحد، دعا مجلس مساجد الرون على لسان رئيسه كامل قبطان، يوم الأربعاء 6 أبريل، الجالية المسلمة في فرنسا، إلى أن "تؤكد مواطنتها دون تعقيدات وأن تحضر بأعداد كبيرة في مراكز الاقتراع في الجولتين للوفاء بالتزاماتهم المدنية والوقوف في طريق أولئك الذين يريدون، دون قيود، طرد المسلمين من فرنسا الذين ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية".

أخبار ذات صلة

البيت الأبيض يخشى من نصر لبوتن في قلب أوروبا
واشنطن تحيي برنامجا من الحرب العالمية الثانية لدعم أوكرانيا

المهاجرون لا يصنعون المنتصر

ورغم أن العديد من أبناء الجالية المهاجرة في فرنسا كانوا قد صوتوا لصالح إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية عام 2017، يرى بنجامين موريل أنه ليحدثوا الفارق لصالحه أمام لوبن، في الاستحقاق المقبل "عليه أن يقوم بتعبئة انتخابية بين الطبقة الشعبية التي ينتمي إليها معظم المهاجرين".

يذكر أنه في فرنسا أصبح هناك شكل من أشكال "التطبيع في التصويت"، ويشرح موريل ذلك بالقول: "في الجولة الأولى، نجد استقامة في الأصوات. إذ لا يوجد في ظل ارتفاع مناصري الجبهة الاشتراكية، أصوات مهاجرين من الطبقة الوسطى أو الغنية بحكم أن أغلبهم من الطبقة الشعبية المقيمة في الهوامش. وإن قاموا بالتصويت، من المؤكد سيصوتون لصالح ميلنشون. وتبقى النتيجة الأساسية هي أنه ليس هناك تفرد أصوات منبثقة عن الهجرة".

أما بالنسبة للجولة الثانية، فيقول "إنه رغم أن لوبن حاولت تليين صورتها بتأكيدها على أنها لا تنهج خطابا راديكاليا ولا تتفق مع زمور وأنها لا تخلط بين الإسلام والإسلاماوية، فإن ماكرون سيسعى للتحذير من أيدولوجياتها الراديكالية في مرحلة الحسم. إلا أن هذا لن ينفع، إن لم يقم بحملة تعبئة انتخابية خاصة بهذه الفئة في المناطق الهامشية، لأن ماكرون لا يحتاج تأييدا فقط بل أصواتا وأرقاما تحسب له".