عندما وصل اللاجئ الأفغاني، أجمل رحماني، إلى أوكرانيا، قبل سنة مضت، اعتقد أنه صار آمنا في أوروبا، لكن شعوره بالارتياح سرعان ما تبدد، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، في فبراير الماضي، فوجد نفسه يهرب مجددا إلى بولندا، بحثا عن مكان جديد للجوء.

ومنذ بدء الغزو الروسي في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، تواصل تدفق اللاجئين الهاربين من أوكرانيا، سواء تعلق الأمر بالأوكرانيين أو بأشخاص من جنسيات أخرى من طلبة أو عمال يقيمون في أوكرانيا، من بينهم أفغان وهنود ونيباليون.

وأعلن حرس الحدود البولندي، الأحد الماضي، أن قرابة 213 ألف شخص من أوكرانيا دخلوا بولندا منذ بدء الصراع الروسي الأوكراني.

"لاجئ تعيس"

وفر الأفغاني "أجمل رحماني"، من حرب أفغانستان قبل عام مضى ليستقر به الحال الذي لم يدُم طويلًا في أوكرانيا، ثم اضطر للفرار منها مجددًا؛ هربًا من القصف الروسي.

فرحماني الذي غادر أفغانستان هربًا من جحيم حركة طالبان وجد ملاذًا آمنًا في أوكرانيا قبل أن يضطر للفرار مجددًا، وهذه المرة إلى بولندا مع مئات آلاف اللاجئين الآخرين.

ويقول رحماني وهو أربعيني: "لقد هربت من حرب والآن بدأت حرب أخرى، أنا غير محظوظ فعلًا".

وقبل أربعة أيام حين هاجمت روسيا أوكرانيا، اضطر لترك كل شيء مجددًا، وقطع مع عائلته مسافة 110 كيلومترات تفصل بين أوديسا والحدود البولندية، وساروا آخر 30 كيلومترًا سيرًا على الأقدام؛ لأن الطريق كانت مليئة بالسيارات، بحسب وكالة "فرانس برس".

ويضيف رحماني المنحدر من كابل، حيث وصل إلى بولندا مع زوجته مينا وابنه عمر (11 عامًا) وابنته مروة (7 سنوات)، قائلاً: "عملت لعشر سنوات لدى حلف الناتو في مطار كابول الدولي".

لكنه قرر مغادرة أفغانستان بعد أربعة أشهر على رحيل الأميركيين بعد تلقيه اتصالات وتهديده بالقتل هو وأولاده، ويضيف: "كانت لديّ حياة جيدة في أفغانستان، خسرت كل شيء، وفضلت الرحيل من أجل عائلتي، وتعليمهم".

ويردف: "غادرت إلى أوكرانيا، الدولة الوحيدة التي قبلت منحي تأشيرة دخول، وأقمت في مدينة أوديسا الساحلية المطلة على البحر الأسود".

وقال "حين وصلنا، كان الطقس باردًا جدا، وأخذت غطاء لابنتي، لكنها شعرت بوعكة بعد دقائق، وبدأت والدتها بالبكاء"، ووصلت سيارة إسعاف وسهّلت شرطة الحدود الأوكرانية مرور كل العائلة.

وأضاف: "كنا محظوظين، كان هناك أكثر من 50 ألف شخص عند الحدود". وقال: "الجميع كانوا ينتظرون دورهم مع الأطفال والأمتعة، أما نحن فقد مررنا قبلهم".

ولا يخفي رحماني قلقه إزاء مستقبله، لكن الساعات الأولى في بولندا كانت مشجعة.

وقال: "لقينا استقبالًا جيدًا جدا، الناس طيبون ومبتسمون. لقد قدموا الشوكولاته لأطفالنا، جرعة جيدة من الطاقة للمستقبل".

ومنذ الخميس الماضي، فرّ نحو 368 ألف شخص إلى دول الجوار و"يستمر عددهم بالارتفاع" بحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.

أزمة طويلة في الأفق

ويقول نبيل رشوان، الخبير في الشأن الروسي إن "روسيا لن تتراجع وقضيتها الأساسية عدم دخول أوكرانيا لحلف الناتو، ولكن المسألة لن تتوقف على أوكرانيا فهناك دول أخرى مترددة في الانضمام لحلف الناتو مثل أرمينيا وجورجيا".

ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "المشهد يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم، وكلما طالت المقاومة الأوكرانية تَشجع الأوروبيون، وهم يريدون تحويل كييف إلى مستنقع لروسيا بنفس الطريقة الأفغانية".

وعن التهديد بالحرب النووية يتابع: "أن هذا الأمر ليس جديدا بين روسيا والدول الغربية، لكن الطرفين يعرفان جيدا خطورة تلك الخطوة".

البحث عن مأوى

وبخلاف رحماني وجد اللاجئون الأفغان، الذين التمسوا المأوى في أوكرانيا بعد سيطرة طالبان على وطنهم، أنفسهم في منطقة حرب من جديد حيث يضطرون إلى الفرار مرة أخرى إلى بر الأمان.

ففي محطة قطار في مدينة أوديسا الساحلية، خطط أفغاني آخر يدعى سيد عمر شاه أمير، وهو لاجئ في كييف، لنقل عائلته إلى بولندا لطلب اللجوء.

ويقول، بحسب تقارير غربية: أنا أفغاني وقائد فريق من اللاجئين الذين تم إجلاؤهم من أفغانستان من قبل الحكومة الأوكرانية من أفغانستان إلى أوكرانيا في أغسطس الماضي بعد تغيير السلطة في أفغانستان.

ويضيف: "كنت قائد الفريق، تمكّنت من إخراج 103 أشخاص بما في ذلك طاقم طائرة القطاع الخاص، كانت طائرة مستأجرة، لقد جئنا إلى أوكرانيا لنحظى بمستقبل مشرق لأطفالنا ودراستهم، ولكن للأسف هنا الحرب أيضاً، لحق بنا الصراع ووصلنا إلى هنا أيضاً".

ويردف سيد عمر شاه أمير، قائلاً: "حالياً، نخطط للذهاب إلى بولندا، من بولندا فصاعداً إلى أوروبا، إلى أقاربنا، يمكننا أن نكون هناك، أو على الأقل أن نكون في منطقة آمنة لاستقبال أطفالنا وعائلات وسيدات وأطفال في منطقة أكثر أماناً وسلاماً، وللحصول على تعليمهم والحصول على حياة طبيعية كإنسان عادي".

أزمة لجوء غير مسبوقة

وفي أزمة إنسانية وصفها بأنها الأكبر منذ عدة سنوات، قال المفوض الأوروبي المكلف بإدارة الأزمات يانيس ليناريتش، الاثنين، إن "التقديرات تشير إلى أن سبعة ملايين أوكراني سينزحون" من هذا البلد؛ بسبب الهجوم الروسي.

أخبار ذات صلة

نزيف الحرب الأوكرانية.. فرار مئات الآلاف وخشية من رقم مليون

ويضيف ليناريتش: "نشهد ما قد يصبح أكبر أزمة إنسانية في قارتنا الأوروبية منذ أعوام عدة، الاحتياجات تتزايد بينما نحن نتحدث الآن، بحسب تقارير غربية.

وتتوقع مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تأثر نحو 18 مليون شخص على المستوى الإنساني في أوكرانيا والدول المجاورة، وقد يصل عدد اللاجئين إلى أربعة ملايين.

أخبار ذات صلة

2105.. توقعات بتسجيل رقم قياسي لعدد النازحين واللاجئين

أما منظمة الأمم المتحدة فتقول إن أكثر من 600 ألف مدني فروا من أوكرانيا.

ويقدر الاتحاد الأوروبي أن نحو أربعة ملايين شخص قد يحاولون مغادرة البلاد؛ بسبب الهجوم الروسي.
وخفف الاتحاد قواعده بشأن اللاجئين، ويقول إن الدول الأعضاء فيه ترحب باللاجئين "بأذرع مفتوحة".