تنطلق في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، السبت، أعمال القمة الإفريقية الخامسة والثلاثين وسط أجواء مشحونة بالأزمات في معظم أنحاء القارة التي عانت كثيرا من حالة عدم الاستقرار.

وتهيمن على أجندة القمة ظاهرة الانقلابات المتكررة والتي بلغت أكثر من 200 محاولة خلال العقود الست الماضية معظمها نجح في السيطرة على الحكم.

وتعقد القمة في غياب 4 دول علق الاتحاد الإفريقي عضويتها مؤخرا بسبب الانقلابات التي جرت فيها وهي مالي والسودان وغينيا كوناكري وبوركينا فاسو، لكن بعض المراقبين يرون أن الاتحاد الإفريقي لا يمتلك الآليات المناسبة لوقف هذه الظاهرة التي تشكل واحدة من أسباب زعزعة الاستقرار في إفريقيا.

ووفقا لتقرير أصدرته مجموعة الأزمات الدولية فإن الأشهر الاثني عشر الماضية كانت مليئة بالاضطرابات في معظم أنحاء القارة، فإضافة إلى وقوع 5 محاولات انقلابية خلال الأشهر القليلة الماضية استمرت النزاعات الداخلية في إثيوبيا والصومال وتشاد وإفريقيا الوسطى وفي عدد من بلدان شمال إفريقيا.

وفي الواقع كانت استجابة الاتحاد الإفريقي لتلك الأزمات مختلطة وواجه صعوبة كبيرة في التعامل مع معظم الأزمات وذلك لأسباب لوجستية وأخرى سياسية ترتبط بطبيعة التفاعلات الدولية مع مشكلات القارة خصوصا من جانب الصين وروسيا اللتان تستعينان في معظم الأحيان بحق النقض لوقف الكثير من القرارات في مجلس الأمن الدولي.

قارة مضطربة

رغم الموارد الطبيعية الضخمة التي تتمتع بها القارة الإفريقية والتي يشكل معظمها عنصرا أساسيا في العديد من الصناعات الثقيلة في أوروبا والصين والولايات المتحدة وآسيا، إلا أن سكان نعظم دول القارة البالغ عددهم نحو 360 مليون نسمة لم ينعموا بأي نوع من الاستقرار الأمني أو السياسي أو الاقتصادي، إذ يعيش أكثر من 55 بالمئة من السكان تحت خط الفقر؛ كما شهدت دولا مثل السودان وسيراليون وليبريا ورواندا ومالي حروبا ونزاعات أهلية استمرت عشرات السنوات وراح ضحيتها أكثر من 13 مليون قتيل وشرد بسببها نحو 33 مليونا.

ووفقا لخبراء في الشأن الإفريقي فإن ضعف الاقتصادات الإفريقية والبيئة الأمنية المضطربة إضافة إلى عدم احترام المواثيق الديمقراطية ولجوء العديد من الحكام المدنيين لتمديد فترات حكمهم جميعها عوامل تثير الغضب الشعبي وتهيئ بيئة الانقلابات العسكرية التي تزيد الأمر تعقيدا.

وفي هذا السياق يرى لوكا بيونق دينق الأكاديمي في مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية في جامعة الدفاع القومي في واشنطن أن القارة الإفريقية بحاجة إلى بناء مؤسسات راسخة تمنع تكرار الظاهرة إضافة إلى العمل على ترسيخ مفاهيم الحكم الديمقراطي والمدني على جميع المستويات، مؤكدا أن ظاهرة الانقلابات أقعدت القارة الإفريقية كثيرا وحرمت إنسانها من الاستفادة من الموارد الهائلة المتوافرة.

ويقول دينق لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه وبدون العمل الجاد لبناء مؤسسات الحكم المدني فستظل القارة الإفريقية بيئة خصبة للانقلابات العسكرية التي دائما ما تنهك الاقتصادات وتتسبب في الهشاشة الأمنية التي تؤدي إلى الحروب الأهلية التي عانت منها بلدان القارة لسنوات طويلة. 

أخبار ذات صلة

السيسي: ندعم رئيس السنغال في رئاسة الاتحاد الإفريقي
تبون في مصر.. 4 ملفات رئيسية أبرزها ليبيا والقمة العربية
عشية قمة "إيكواس".. مالي تطلق "حوارا وطنيا" خشية العقوبات
مصر تتسلم رئاسة "الكوميسا".. فماذا تقدم للقارة السمراء؟

أسباب عديدة

يشير عادل احمد ابراهيم المختص في الشأن الدبلوماسي والسياسي الإفريقي إن غياب الحوكمة وتفشي فساد السلطة هو أبرز أسباب استمرار ظاهرة الانقلابات.

ويقول ابراهيم لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الاتحاد الإفريقي يحتاج إلى تبني آليات أكثر قوة وقدرة على الردع لوقف ظاهرة الانقلابات في الدول الأعضاء والتنسيق مع المؤسسات الدولية ذات الصلة مثل مجلس الأمن الدولي ومؤسسات التمويل الدولية حتى تكون عقوباته وقراراته أكثر فاعلية وقدرة على التأثير على الجهات ذات النزعات الانقلابية.

وفي ذات السياق، يقول الكاتب الصحفي مأمون الباقر لموقع "سكاي نيوز عربية" إن هنالك العديد من الأسباب التي فاقمت ظاهرة الانقلابات في القارة الإفريقية أبرزها عدم استيعاب الدور الوطني للجيوش، إضافة إلى عدم ممارسة النخب السياسية ما يكفي من العمل الديمقراطي. 

ويضيف: "تتزايد الظاهرة أيضا بسبب المكايدات المستمرة بين القوي السياسية المحلية ورغبتها في الحكَم وإن كان ضد رغبة الشعَوب".

نجاحات محدودة

في الجانب الآخر وعلى الرغم من الفشل الواضح في وقف ظاهرة الانقلابات، استطاع الاتحاد الإفريقي تحقيق بعض النجاحات حيث لعب دورًا إيجابيًا في ضمان انتهاء النزاع الانتخابي في زامبيا بانتقال سلس وسلمي للسلطة؛ كما أسهم بشكل فعال في جهود الاستجابة لوباء كوفيد 19 من خلال الضغط من أجل الوصول العادل إلى اللقاحات وتخفيف عبء الديون للبلدان المعرضة للخطر بشكل خاص حيث تراجع الاقتصاد بسبب تفشي المرض.