إلى جانب مختلف الأزمات الاقتصادية والصحية والاجتماعية التي تمر بها إيران، شهد البرلمان نقاشا حادا بين الأعضاء الأكراد وغيرهم من البرلمانيين، بشأن "حمّالي الأمتعة" الأكراد، الذين يحملون البضائع على ظهورهم بين طرفي الحدود الإيرانية العراقية، والذين يُعرفون شعبيا باللغة الكردية بالـ"كولبار"، أي "حاملو كل الأمتعة".

ويتعرض هؤلاء لعمليات اغتيال متعمدة من قبل قوات حرس الحدود وأفراد الأجهزة الأمنية الإيرانية، الذين يعتبرونهم "مهربين"، بينما تقول المصادر الكردية إن الاستهداف يتم "لأسباب قومية وسياسية، الهدف منها إرهاب الأكراد في إيران".

النواب الأكراد من مدن مهاباد وسقز وسنندج الكردية، الواقعة في أقصى غرب إيران، بالقرب من الحدود العراقية، وجهوا انتقادات واسعة إلى أجهزة الدولة الإيرانية أثناء الجلسة البرلمانية التي عُقدت الأربعاء، متهمين إياها بالتسبب بوقوع مآس يومية لآلاف المواطنين الأكراد.

ويعد هذا تصعيدا من النادر أن يشهده البرلمان الإيراني، بالذات من النواب الذين يتحدرون من أصول كردية، والذين يعتبرون أن "الكولبار" اتجهوا إلى هذا النوع من العمل بسبب سوء أحوالهم الحياتية، والعديد منهم لا يزالون أطفالا، ولا تقدم الدولة أية حلول لمأساتهم أو مساعدات لتحسين ظروفهم.

أخبار ذات صلة

اغتيال قيادي كُردي إيراني في أربيل.. وحزبه يتهم طهران
حرق نفسه أمام الكاميرات.. قصة شاب كردي إيراني تهز أربيل

موقع "كورد بريس" الإعلامي الإيراني شبه الرسمي، أجرى مقابلة مع النائب الكردي جلال محمود زاده، الذي طالب وزير الداخلية الإيراني بـ"التوقف عن متابعة هذه الفظاعة، والسعي لتنظيم عمليات النقل بين إيران وتركيا والعراق، والسماح للآلاف العمال الأكراد بتشكيل نقابات عمالية، تدافع عن حقوقهم القانونية".

كذلك شدد النائب الكردي على عدم قيام الدولة بواجباتها القانونية حينما يتعرض هؤلاء العمال للعديد من الكوارث الطبيعية بشكل سنوي، خصوصا في فصل الشتاء، معتبرا أن المحافظات الكردية في إيران تتعرض إلى "حرب اقتصادية مفتوحة".

وحسب المنظمات الحقوقية الإيرانية في الخارج، فإن قرابة 100 عامل من الكولبار يُقتلون كل عام، إلى جانب 150 منهم يُصابون بجروح، أغلبها تشكل عاهات مستديمة.

إلى جانب ذلك، فإن العشرات منهم يتعرضون لإصابات جراء العمل، كالسقوط من الجبال والتجمد في شهور الشتاء، حيث تغطي الثلوج أغلب تلك المناطق الجبلية الحدودية، أو الهجوم من الحيوانات المفترسة.

أخبار ذات صلة

قضية طابع البابا وخريطة كردستان التاريخية.. ما الجديد؟
المعارضة الإيرانية في العراق.. مخاوف من القمع العابر للحدود

وفي أبريل الماضي، قدم عدد من أعضاء البرلمان الإيراني الأكراد مشروع قانون للبرلمان الإيراني، للتخفيف من العقوبات وحالات الاستهداف المباشر التي تطال الكولبار الأكراد في المناطق الحدودية، لكن المشروع ضاع في أدراج الجهات البرلمانية، لغياب إرادة سياسية وأغلبية متعاطفة مع هؤلاء.

وشرح الكاتب والباحث همبر سليم، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أسباب استمرار ظاهرة استهداف الكولبار من قبل قوات الجيش الإيراني، قائلا: "تعرف السلطات الإيرانية أن المجتمع الكردي يشكل حالة معارضة كلية للنظام الحاكم، فأفراده يتضامنون مع القوى السياسية الكردية المعارضة، وكل فعل وممارسة قد تدخل الرعب في قلوب أعضاء المجتمع، هو توجه أساسي لهذه السلطة".

واستطرد: "استهداف الكولبار هو بمثابة تذكير يومي من قبل السلطة، بقوتها وسطوتها على المجتمع الكردي، المقدر بحوالي 6 ملايين نسمة".

وتواصل موقع "سكاي نيوز عربية" بالعديد من الكولبار، الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم، مذكرين بأن أجورهم اليومية لا تزيد عن 10 دولارات، بعد قرابة 15 ساعة عمل يوميا، وفي أقسى الظروف.

ولا يملك هؤلاء أية ضمانات اجتماعية أو رعاية صحية، بالرغم من أن الأمتعة التي يحملونها على ظهورهم تزيد عن 50 كليوغراما يوميا، ويسيرون بها لأكثر من 20 كلم.

أغلبية واضحة من عمال الكولبار حاصلون على شهادات تعليمية جامعية، والكثير منهم يملكون مهارات مهنية احترافية، وبعضهم من أبناء عائلات ريفية، حيث غياب فرص العمل وسوء التنمية لصالح المدن والمناطق المركزية في البلاد، تدفع هؤلاء لامتهان هذا العمل الخطير للغاية.