ثار جدل كبير في أوروبا حول دور مجموعة "فاغنر" الروسية في دعم السلطات الانتقالية في مالي، وقرب توقيع اتفاق بينهما لنشر عناصر المجموعة العسكرية في البلد الإفريقي.

وانتقد الاتحاد الأوروبي وفرنسا توجه الشركة الروسية للعمل في مالي، وهو ما ردت عليه موسكو بأن الحكومة الانتقالية هي التي طلبت من المجموعة المساعدة في القتال ضد المتمردين، وأن الحكومة الروسية لا علاقة لها بهذا التعاون.

ومن المنتظر حال اتفاق "فاغنر" مع السلطات الانتقالية في مالي، نشر ألف من عناصرها إلى جوار القوات المسلحة المالية.

قلق غربي

وتسبب الدور المنتظر لمجموعة "فاغنر" الروسية في قلق غربي بشأن التدخل الروسي بمنطقة الساحل وإفريقيا، مما قد يدفع فرنسا للتلويح بإعادة النظر في تواجدها العسكري في المنطقة الممتد منذ 8 سنوات، متمثلا في قوة "برخان".

وهذه ليست المرة الأولى التي يثار فيها الجدل حول مجموعة "فاغنر"، حيث تنتشر عناصرها في دول عدة ومناطق للنزاعات حول العالم، منها سوريا وليبيا، فضلا عن عمل بعض المنتمين إليها مستشارين عسكريين لدول أخرى.

إمكانات "فاغنر"

وتضم المجموعة في صفوفها أفرادا متقاعدين من القوات المسلحة الروسية، وتضطلع بحماية عدة شركات في دول بها نزاعات، كما تنسب لها عمليات في بلدان مختلفة.

أخبار ذات صلة

لافروف: مالي طلبت من شركة عسكرية روسية خاصة المساعدة
بعد نهاية "برخان".. هل تشعل مالي الصراع بين موسكو وباريس؟

ويشير خبراء ومنظمات منها العفو الدولية، إلى أن "فاغنر" تتحرك بدعم مباشر من الحكومة الروسية، لدرجة أن البعض وصفها بـ"الجيش السري للرئيس فلاديمير بوتن".

ويرجع تأسيس "فاغنر" عام 2014 إلى ديمتري أوتكين، العميد السابق في الاستخبارات العسكرية الروسية، وظهرت لأول مرة شرقي أوكرانيا ثم نشطت في جزيرة القرم، ويتولى "أوتكين" القيادة الميدانية والجوانب التقنية الخاصة بعملها.

وتقدر تحقيقات صحفية روسية عدد المنضمين لـ"فاغنر" بما يتراوح بين 3500 و5 آلاف مقاتل، بعضهم ذوو أصول من دول الاتحاد السوفيتي السابق القريبة من روسيا.

واعتبر مراقبون في أحاديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الشركة العسكرية الروسية الخاصة "بمثابة ذراع غير رسمية لموسكو"، من أجل ترسيخ تواجدها في المناطق التي ترغب في مد نفوذها إليها.

انتقادات من رئيس وزراء مالي لباريس

شركات عسكرية روسية

ويشير معهد أبحاث "CMI" النرويجي إلى تواجد قرابة 20 شركة عسكرية خاصة في روسيا أبرزها "فاغنر"، فضلا عن 20 ألف شركة حماية خاصة، ورغم أن الشركات العسكرية الروسية ما تزال محظورة وغير مقننة في بلدها، فإنها تواصل العمل في الداخل والخارج.

ويوضح المعهد في دراسة له بعنوان "الاستخدام الروسي للشركات العسكرية والأمنية الخاصة.. التداعيات على الأمن الأوروبي والنرويجي"، أن الشركات العسكرية الروسية، خاصة "فاغنر"، لا يمكن وصفها بالكبيرة، لكنها نشطة للغاية.

هروب من المسئولية

ويقول الخبير العسكري المصري اللواء علاء عز الدين، إن الأنشطة المتعلقة باستخدام السلاح والشركات ذات الطابع الأمني والعسكري لا يمكن أن تعمل حول العالم من دون علم دولتها وبإذن منها، وذلك لتوفير تراخيص حمل السلاح أو التصريح بتدريب الأفراد.

وأضاف عز الدين في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "عمل مثل هذه الشركات لا يتم من دون موافقات رسمية، أو بأقل تقدير مع غض الطرف من جانب الدولة عن أنشطتها، لأنها تكون مخالفة للقانون".

ويؤكد الخبير العسكري أن "فاغنر" إحدى الشركات التي تعمل بتلك الآلية، لكن "روسيا لا تنفرد بهذا الأمر، فهناك مثلا شركة (بلاك ووتر) الأميركية التي أدت أدوارا مماثلة في عدة دول منها العراق".

وأشار إلى أن "حكومات البلدان التي تنشأ فيها هذه الشركات بإمكانها التهرب من المسئولية القانونية أمام المجتمع الدولي، فحينما ارتكبت (بلاك ووتر) جرائم في العراق تبرأت منها أميركا، مثلما تتبرأ روسيا من (فاغنر) حاليا".

ويوضح عز الدين أن "الشركات التي تحمل صبغة عسكرية تساعد على تحقيق مصالح الدول التي تنتمي لها والمتحالفة معها، مهما تم إنكار هذا الأمر أو نفيه بشكل رسمي أو في تصريحات المسؤولين".