أثار مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، في ضربة جوية أميركية استهدفت موكبه بمطار بغداد الدولي، ردود فعل دولية، بين مؤيدة ومعارضة، وأخرى محذرة.

وخلفت الضربة الأميركية، التي نفذت في ساعة مبكرة من الجمعة، مقتل سليماني، وعدد من الأشخاص، أبرزهم أبو مهدي المهندس، نائب قائد ميليشيات الحشد الشعبي في العراق.

وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن الضربة التي أدت إلى مقتل سليماني والمهندس، نُفذت بطائرة مسيرة من دون طيار.

وفي أعقاب ذلك، أعلنت إيران، تعيين العميد إسماعيل قاآني، قائدا لفيلق القدس خلفا للجنرال قاسم.

المرشد يتوعد 

المرشد الإيراني علي خامنئي لم يتأخر في التنديد بما حصل، قائلا "غياب سليماني يشعرنا بالمرارة لكن الكفاح سيتواصل لحين تحقيق النصر وجعل حياة المجرمين أشد مرارة".

وأضاف في بيان نقله التلفزيون "ليعلم جميع الأصدقاء والأعداء أيضا أن النهج سيستمر بدوافع مضاعفة وأن النصر الحاسم سيكون حليف هذا المسار".

من جهته، اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني أن مقتل سليماني سيجعل إيران أكثر حزما في مقاومة التوسع الأميركي. وتابع قائلا "بلا شك، ستثأر له إيران وغيرها من الدول التي تسعى إلى الحرية في المنطقة".

في العراق، قال رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إن مقتل قائد عسكري عراقي يشغل منصبا رسميا يعد عدوانا على العراق دولة وحكومة وشعبا.. والقيام بعمليات تصفية ضد شخصيات قيادية عراقية أو من بلد شقيق على الأرض العراقية يعد خرقا سافرا للسيادة العراقية واعتداء صارخا على كرامة الوطن".

الأمر نفسه أكده المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، إذ قال في بيان إن "الاعتداء الغاشم بالقرب من مطار بغداد الدولي في الليلة الماضية يمثل خرقا سافرا للسيادة العراقية وانتهاكا للمواثيق الدولية". 

وأضاف "هذه الوقائع وغيرها تنذر بأن البلد مقبل على أوضاع صعبة جدا... وندعو الأطراف المعنية إلى ضبط النفس والتصرف بحكمة".

هذا ودعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي يعتبر نفسه قوميا يرفض التدخل الأميركي والإيراني في العراق، جميع الأطراف إلى التصرف "بحكمة وحنكة".

أخبار ذات صلة

ترامب يعلق على مقتل سليماني.. ويؤكد: إيران لم تكسب حربا
بعد مقتل سليماني.. واشنطن تحدد "سقف التصعيد" مع طهران

المعارضة الإيرانية ترحب

ذكرت زعيمة المعارضة الإيرانية، مريم رجوي، أن الوقت قد حان لقطع أذرع إيران في المنطقة، واصفة سليماني بـ"أحد أكبر المجرمين في تاريخ إيران"، مشيرة إلى أنه كان ضالعا في مقتل مئات الآلاف من أبناء شعوب المنطقة وتشريد عشرات الملايين منهم. 

من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني "كنا ندرك على الدوام التهديد العدواني الذي يشكله فيلق القدس الإيراني بقيادة قاسم سليماني. بعد وفاته، نحث جميع الأطراف على وقف التصعيد. ليس من مصلحتنا زيادة الصراع".

أما الموقف المصري، فجاء في بيان وزارة الخارجية، التي قالت "بقدر كبير من القلق، تتابع وزارة الخارجية التطورات المتسارعة للأحداث في العراق، التي تنذر بتصعيد للموقف من الأهمية تجنبه، ولهذا فإن مصر تدعو لاحتواء الموقف وتفادي أي تصعيد جديد".

واعتبرت أن احتواء الموقف "يتطلب الوقف الفوري لكافة أنواع التدخلات الإقليمية في شؤون الدول والشعوب العربية".

جدل داخل واشنطن

في الولايات المتحدة، علّق الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة، على مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بضربة أميركية، بنشر تغريدة على حسابه في "تويتر"، قال فيها إن "إيران لم تكسب حربا، لكنها لا تخسر المفاوضات".


وقد يبدو هذا التعليق وكأنه يحمل رسالة إلى إيران، مفادها أن اللجوء إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة سيكون الحل الأنسب لها، عوضا عن اختيار أي طريقة عسكرية أو شن هجمات تستهدف الأميركيين، في أعقاب تهديدات طهران.

وفي تغريدة أخرى، قال ترامب إن سليماني "كان مسؤولا عن مقتل عدد كبير من المتظاهرين في إيران"، وإنه "كان يجب أن يُقتل قبل أعوام كثيرة".

وجاء تصريح ترامب المقتضب ليدعم تصريحات وزير خارجيته مايك بومبيو، الذي قال في تغريدة وعدد من المقابلات التلفزيونية إن بلاده "ملتزمة بخفض التصعيد ولا تسعى لحرب مع إيران"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن واشنطن "مستعدة لمواجهة كل التهديدات الإيرانية".

وقال بومبيو في التغريدة: "نقدر بأن حلفاءنا يدركون التهديدات العدوانية المستمرة التي يمثلها فيلق القدس الإيراني، (...)، الولايات المتحدة تبقى ملتزمة بخفض التصعيد".

في المقابل، قالت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأميركي: "تهدد الضربة الجوية الليلة بمزيد من التصعيد الخطير للعنف. لا يمكن لأميركا والعالم تحمل تصاعد التوتر إلى نقطة اللاعودة".

وأضافت "نفذت الإدارة ضربات الليلة في العراق دون تفويض باستخدام القوة العسكرية ضد إيران. علاوة على ذلك، تم اتخاذ هذا الإجراء دون استشارة الكونغرس".

نائب الرئيس السابق، جو بايدن، اعتبر أن "هذه خطوة تصعيدية هائلة في منطقة خطيرة بالفعل...ألقى الرئيس ترامب للتو بأصبع ديناميت في برميل بارود، وعليه أن يفسر للشعب الأميركي استراتيجية وخطة الحفاظ على سلامة قواتنا وموظفي السفارة وشعبنا ومصالحنا، هنا في الداخل والخارج، وشركائنا في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

مخاطر زيادة التوتر

وعلقت وزارة الخارجية الروسية على العملية الأميركية بالقول إن قتل سليماني "سيزيد التوترات في الشرق الأوسط"، على ما أوردت وكالة "رويترز".

كما قالت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الخارجية أميلي دي مونشالان، إن أولوية فرنسا هي إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط.

وقالت مونشالان لراديو "آر تي إل": "ما يحدث هو ما خشيناه. التوتر بين الولايات المتحدة وإيران يزداد. الأولوية هي لإرساء الاستقرار في المنطقة".

وأردفت قائلة إن كبار المسؤولين الفرنسيين سيقومون باتصالات رفيعة المستوى مع "كبار اللاعبين" في المنطقة.