سلط تقرير نشره موقع "أحوال" التركي، الجمعة، الضوء على المخاطر المترتبة على سوء تطبيق معايير البناء، وتسهيل تراخيص البناء غير القانوني في إسطنبول، قبيل الانتخابات البلدية المرتقبة الشهر الجاري.

وبحسب تقرير لمكتب ممثل الادعاء، فإن الرمال المستخدمة في خرسانة مجمع كارتال السكني، المؤلف من 7 طوابق، الذي انهار الشهر الماضي، وأسفر عن مصرع 21 شخصا، قد جاءت من البحر، ولم يتم تنظيفها أو تنقيتها بشكل جيد، وقد احتوت على الأصداف البحرية.

ونقل الموقع التركي عن خبراء هندسيين، أن الرمل أدى إلى تآكل الفولاذ المستعمل في التشييد، الأمر الذي أدى إلى إضعاف الهيكل، كما أسهمت الأصداف في تقليل قدرة المبنى على التحمل.

واعتقلت الشرطة شخصين شاركا في تشييد المبنى، بعد أن وجد ممثلو الادعاء أنه تمت إضافة 3 طوابق بشكل غير قانوني إلى البناء.

وفرضت السلطات المعنية في تركيا سنة 1998، قانونا يلزم شركات البناء باستخدام إسمنت معتمد وفق مواصفات خاصة، إلا أن الزلزال الذي ضرب شرق إسطنبول في السنة التالية أظهر عدم الالتزام بالقرار، إذ انهارت الكثير من المباني التي شيدت باستعمال مواد بناء رخيصة، وقتل ما يقارب الـ17 ألف شخص في الزلزال.

ورغم تعهد الحكومة باتخاذ إجراءات صارمة ضد المقاولين الذين لا يتقيدون بشروط البناء الآمنة، إلا أن عوائد قطاع العقارات الكبيرة، قد جعلت مسؤولين يغضون الطرف عن المخالفات التي ينالهم نصيب منها.

ونقلت "أحوال" عن رئيس فرع غرفة المهندسين المدنيين في إسطنبول، نصرت سونا، قوله: "إن تم كل شيء وفقا للعلم، فلن يكون هناك أي تهديد. إن الأمر كله يتعلق بالفساد في مضمار عملنا".

ومن جانبه، قال رئيس الغرفة التركية للمهندسين المدنيين، جمال غوكجة: "إن تركت الأمور في أيدي عمال البناء، والمتدربين، وبناء على تقدير البناة ووضعت الهندسة في ذيل القائمة، فيمكن أن يحدث أي شيء حتى البناء باستخدام الطين".

وأضاف: "كيف يمنح عفو في تحويل مبنى مكون من خمسة طوابق إلى مبنى من ثمانية طوابق! سوف تتحول المباني في إسطنبول إلى قبور في المستقبل. إنهم يفضلون المال على حياة البشر".

وتشير وزارة البيئة والتخطيط العمراني إلى وجود ما يقارب الـ26 مليون مبنى بتركيا معظمها بني قبل عام 1990، 60 في المئة منها شيدت بطريقة غير قانونية.

ويوجد في إسطنبول التي يقدر عدد سكانها بـ16 مليون شخص، 1.6 مليون مبنى، 70 في المئة منها بنيت بشكل مخالف.

أخبار ذات صلة

خطر يهدد تركيا.. تحذير من زلزال مدمر

استغلال القوانين

واستغلت الحكومة التركية قضية المباني المخالفة لمعايير السلامة كورقة ضغط في الانتخابات الرئاسية التي تمت في يونيو الماضي، لكسب تأييد عمالقة قطاع الإنشاءات والعقارات ومشاركتهم في أرباحهم، عبر إصدار عفو عن المباني غير المرخصة بدلا من إطلاق حملة تفي بالمحافظة على سلامة المواطنين.

وبحسب رئيس غرفة المهندسين المعماريين في إسطنبول، علي حاجي علي أوغلو، فإن العفو "أدى إلى أن أصحاب العقارات باتوا هم المسؤولون عن ضمان امتثال المباني للقوانين".

وتابع: "تحتاج المسألة إلى الاسترشاد بالعلوم والمعايير الدولية. كلما ابتعدنا عن ذلك، كلما زاد عامل الخطر وكلما زاد حجم الكوارث المماثلة"، في إشارة إلى انهيار مبنى حي كارتال.

درس للمسؤولين

ويحذر خبراء من تداعيات إهمال مسألة مراعاة ضوابط دقيقة في عمليات البناء، خصوصا في إسطنبول، حيث نبه الخبير الياباني يوشينوري موريواكي في نوفمبر الماضي، من احتمال تعرض تركيا لزلزال قوي في السنوات المقبلة.

أما أستاذ الجيوفيزياء أوجوز غوند أوغدو، فقال لـ"أحوال" إنه "من المتوقع حدوث زلزال بقوة تصل إلى نحو 7.5 درجة في إسطنبول ويجب أن يكون مأساة حي كارتال درساً لأولئك المسؤولين".

ونبه غوكجة من مغبة الانتظار لحين حدوث زلزال موضحا: "ليس علينا الانتظار إلى أن يحدث زلزال، سنرى الكثير من المباني تنهار كما هو الحال في كارتال. لا أريد حتى التفكير فيما سيحدث عندما يقع زلزال".