تعد المظاهرات التي بدأت الأسبوع الماضي أخطر ما شهدته إيران من احتجاجات منذ انتفاضة عام 2009، التي نجمت عن إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، بل أن الحراك الحالي يفوق ما سبقه لاعتبارات عدة ما قد يمثل تهديدا جديا للنظام الحاكم.

فالاحتجاجات السياسية نادرة في إيران، حيث تنتشر أجهزة الأمن بشكل واسع. ومع ذلك فقد شارك عشرات الآلاف في الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد منذ يوم الخميس.

وفي بادرة على أن إيران تعتبر الاحتجاجات تطورا خطيرا، اتهم مرشد النظام، علي خامنئي، من وصفهم بأعداء إيران بإثارة القلاقل.

وقال خامنئي، صاحب السلطة العليا في نظام الحكم المعقد، إنه سيوجه كلمة إلى الشعب عن الأحداث الأخيرة "في الوقت المناسب".

عفوية الاحتجاجات

على النقيض من المظاهرات المنادية بالإصلاح التي خرجت عام 2009، تبدو الاحتجاجات الأخيرة عفوية بشكل أكبر ولا يبدو أن وراءها زعماء يخططون من الممكن للسلطات أن تتوصل إليهم وتعتقلهم، ما يصعب من مهمة النظام القمعي في وأد الانتفاضة الحالية.

وفقا للتقارير الواردة من داخل إيران، فقد امتدت المظاهرات التي بدأت في مدينة مشهد الخميس الماضي، إلى 40 مدينة على الأقل، بما في ذلك العاصمة طهران، وأدى القمع العنيف إلى مقتل 21 شخصا حتى الآن.

نوعية المطالب

للمطالب التي شهدتها أنحاء البلاد بوضع نهاية للمصاعب الاقتصادية والفساد حساسية، خاصة لأن زعماء إيران كثيرا ما يصورون الثورة التي أطاحت عام 1979 بنظام حكم الشاه، على أنها ثورة الفقراء على الاستغلال والقهر، وهو ما كذبته الأعوام اللاحقة.

ورغم تباين المطالب من الفئات المختلفة بالمجتمع، فإن المقاطع المصورة التي يبثها الشباب والطبقة العاملة تمثل القاسم الأكبر.

وينطوي ذلك على خطورة أكبر على السلطات لأنها تعتبر الطبقات الأقل ثراء موالية للنظام، مقارنة بالمحتجين الأكثر انتماء للطبقة المتوسطة الذين خرجوا إلى الشوارع قبل تسع سنوات.

مشاركة الشباب

طبقا للأرقام الرسمية، فإن 90 في المئة من الذين ألقت الشرطة القبض عليهم تقل أعمارهم عن 25 عاما.

وكثيرون من الشبان أكثر اهتماما بالوظائف والتغيير منهم بالشعارات التي يتلطى خلفها النظام، ومحاولة اللعلب على المشاعر المناهضة للغرب التي يتشبث بها الحرس القديم.

شعارات مخيفة

أظهرت تقارير مسربة خشية القادة الإيرانيين من تحول مطالب المتظاهرين من اقتصادية إلى سياسية، لاسيما مع رفع المتظاهرين شعارات سياسية من بينها "الموت للديكتاتور" في إشارة إلى خامنئي.

وأشار التقرير صراحة إلى أن المتظاهرين "بدأوا يرددون شعارات سياسية منذ اليوم الأول للاحتجاجات. وفي طهران ردد الناس شعارات ضد خامنئي، وكانت الشعارات التي استخدمت في مدن أخرى ضد خامنئي".

والجرأة في تحدي المرشد الأعلى الذي يتبوأ منصبا دينيا، لم تصل إلى هذا الحد في احتجاجات عام 2009.