خرجت وحدة القوات البحرية الأميركية الخاصة "سيلز" إلى دائرة الضوء، بعد الدور الذي لعبته في مقتل اسامة بن لادن..ونالت تكريم البيت الأبيض.. وتصدرت غلاف نيوز ويك بعنوان عريض " قوات البحرية .. جيش أوباما السري" .. بل إن هوليوود نفسها سارعت إلى انتاج فيلم يمجد عناصر هذه النخبة العسكرية واختارت له عنوان "العمل الشجاع".
لكن كتابا حديثا بقلم أحد عناصر "سيلز" جاء ليلقي ظلالا كثيفة من الريبة والشك على سمعة هؤلاء الجنود المنتشرين بين وحدة القوات البحرية الخاصة والسرب الخامس ووحدة المروحيات التي تعرف باسم "نايت ستوكرز"..
الكتاب الذي يتصدر قائمة "نيويورك تايمز" لأفضل المبيعات منذ أسابيع، يحمل عنوان "القناص الأميركي: سيرة ذاتية لأشرس قناص في التاريخ الأميركي"،ويروي جانبا من حياة كريس كايل الجندي السابق في وحدة القوات البحرية الذي كتب مذكراته بالتعاون مع المحامي سكوت ماكيون والكاتب جيم ديفيليس المتخصصين في كتابة القصص العسكرية وسير كبار الضباط.
كايل شاب أميركي من تكساس اكتشف قدراته عندما انضم إلى قوات سليز وفجّر ـ كما يقول ـ موهبته الخفية في مقارعة أخطار الحرب وتحدي من يعتبرهم عدوه بطلقة رصاص واحدة يوجهها نحوهم، متسلحا بمهارة الصيادين وبرود أعصاب المحاربين .
هذا القناص الذي يتباهى بلقب "شيطان الرمادي" أثناء وجوده في العراق، قتل أثناء الخدمة 255 من "الاعداء" ـ حسب تعبيره ـ ويقول بكل اعتزاز : "بعد سقوط ضحيتك الأولى، الآخرون ستقتلهم بسهولة .. لا تشعر بعدها بأي تردد أوصدمة نفسية أو تأنيب ضمير.. أضع يدي على الزناد. أحدد هدفي. ثم أقتل عدوي قبل أن يقتل شعبي".
"قناص أمريكي" ليس مجرد كتاب عن تحول رجل عادي إلى قاتل محترف، بل هو اعترافات مرعبة تثير الصدمة لدى القارئ العادي، الذي يصعب عليه فهم هذا الاستعراض المخيف للعنجهية والقوة وقيم الكراهية.
كايل لا يؤمن بالاعتدال السياسي، ويعترف بازدرائه الشديد لمن يعتبرهم أعداء، وكان يعتبر نفسه ـ أثناء خدمته في العراق ـ معاديا للقوات العراقية التي يفترض أنها حليفة للولايات المتحدة، ولا يكن أي شعور مودة تجاه المدنيين العراقيين. بل إنه يؤكد في كتابه :"أكره الوحوش اللعينة التي أحاربها. وسأكرهها إلى الأبد.. لأنها أخذت مني الكثير".
وجهة نظر كايل المليئة بالنقمة والكراهية يتقاسمها حسب رأيه بعض رفاقه في ميادين المعارك، وإذا كان كتابه لا يمثل أي قيمة تاريخية أو معرفية، فإن نقادا أميركيين اعتبروه انعكاسا لتلك الذهنية التي تنشأ لدى عدد من الجنود عند المزاوجة بين انغلاقهم الثقافي وعمليات التدريب الصارم واستخدام أقسى الأساليب في تهيئتهم نفسيا للخدمة، وهو ما يفسر بعض التجاوزات التي وقعت في العراق وأفغانستان.