لم يدخر تنظيم داعش جهدا في غرس مبادئه وقيمه المارقة عن كل الأعراف في المناطق التي وقعت تحت سيطرته في العراق، وكان من أبرز أسلحته غسل أدمغة ضحاياه بكل الطرق، ولعل خلق مناهج تعليمية تتماشى وإيديولوجيته المتطرفة، كان من أقسى العقوبات التي سلطت على الأطفال خاصة في مناطق نفوذه.

شهادات العراقيين الذين نزحوا من مناطق سيطرة هذا التنظيم خلال الأيام الماضية ترسم صورة في غاية المرارة للحياة تحت حكمه المتطرف. ولعل من أكثر الفئات تضررا من في مطحنة هذا التنظيم كان الأطفال.

نهج داعش

ففي فقه داعش المتطرف للتعليم تصور آخر ومنهج مختلف ومبادئ غريبة وقناعات أغرب ورهانات مخيفة غير التي عهدتها العملية التربوية في كامل المستديرة، وهذا ليس من قبيل الافتراء على هذا التنظيم وإنما هو غيض من فيض فظاعات دفاتره المترعة بالجرائم والمآسي.

وجرائر داعش في التعليم تنقلها بصدق شهادات الأطفال الذين نزحوا من بلدة طوب زاوة قرب الموصل مع بدء عملية استعادة السيطرة عليها، فمع وصول أولى دفعات النازحين من أطراف الموصل تكشفت أبرز أساليب داعش الموجهة نحو طلاب المراحل الابتدائية، أساليب تمثلت في مناهج التعليم فرضها التنظيم على أطفال المدارس في المناطق الخاضعة لسيطرته.

فالطفل سارام جوران، وهو طفل نزح مع أهله في الأيام الأخيرة من بلدة طوب زاوة الواقعة على مشارف الموصل، وداخل قاعات الدرس في البلدة التي استعادتها القوات العراقية قبل أيام، والتي لا تزال الكتابات التي تركها عناصر داعش كما هي على لوح الفصل، وفيها شرح لأنواع القذائف المختلفة التي حلت محل دروس الرياضيات والعلوم.

هنا يقول سارام "يعلمونا على القتل.. غالبية أطفال طوب تركوا مقاعد الدراسة وفضلوا الجهل على التعلم وفق مايعرف بمنهاج الخلافة".

فكر متطرف

فلأكثر من عامين تلقى هؤلاء الاطفال دروسا في الفكر التطرفي لعناصر داعش، مما قد يتطلب عدة أعوام لمحو هذا الفكر وتنشأة جيل جديد، خال من مخلفات مبادئ هذا التنظيم المتطرف، فالمناهج الدراسية لتنظيم داعش اشتركت في شيء واحد، وهو الولاء لزعيم التنظيم أبوبكر البغدادي وطاعته المطلقة.

وبعد هزيمة التنظيم على عدة جبهات في سوريا والعراق، واقتحام ما يسمى بـ"الفصول الشرعية"، وجدت عدة كتب ومقررات يدرسها التنظيم للطلبة المغرر بهم في عدة قرى ومناطق كان يسيطر عليها في العراق.

وتظهر المناهج جميعها حرص التنظيم على "تلقين" أتباعه لمنهجه القائم على تكفير المخالفين له، وعلى زرع العداء والكراهية في أطفال المناطق التي يسيطر عليها، وهم الأطفال الذين دأب التنظيم الإرهابي على تسميتهم بـ"أشبال الخلافة" كما دأب على استغلالهم في أعمال قتالية، وتنفيذ إعدامات، مثلما ظهر في تسجيلات مسبقة بثها التنظيم في سوريا.

السياسة الشرعية

ومن تلك الكتب التي يقوم من يطلق عليهم "شرعيوا التنظيم" بتأليفها، تظهر عناوين مثل "السياسة الشرعية"، الذي يقرر فيه التنظيم سياسته الإقصائية، ومنهجه التكفيري، القائم على الولاء له، والبراءة ممن يناوؤنه، إضافة إلى مقرر عن "الإعداد البدني"، الذي يتضح فيه أن الغرض من مناهج داعش لا يرمي لغير تجنيد الأطفال والزج بهم في القتال.

وخلال تصفح هذه الكتب، نجد في حقول كل درس وجدول تمارين، نماذج للحلول المطروحة والأعداد، موضوع فيها صور الأسلحة والقنابل، والتحريض.    

وقبل عام، نشر ما يسمى بالمكتب الإعلامي لداعش في "ولاية الأنبار"، صور مناهجه الدراسية. كما نشر داعش في "ولاية البركة" (الحسكة)، صورا من داخل أحد الصفوف المدرسية في المحافظة.