في كتاب عن الجمال، يوصي الكاتب البريطاني،روبرت إيروين، بحسن معاملة هذا الحيوان، وخصوصا في نهاية الرحلة "فللجمل طريقته في الاحتجاج على المعاملة غير المعقولة وهي أن يموت".

كما ينصح إيروين بتجنب غضب الجمل الذي يمكنه أن يرفس بقوة من الجانب وللأمام وللخلف "وإذا هاجمك جمل شبق فعليك أن تخلع ملابسك وتلقي بها أمامه فربما يقبل هذا على أنه استحواذ"، وربما يوسع الملابس ضربا وتمزيقا كما يفعل العمال اليابانيون حين يريدون التخلص من إحباطاتهم بضرب نماذج تمثل مديريهم.

وفي كتابه "الجمل.. التاريخ الطبيعي والثقافي"، يقول إيروين إن الجمل سهل القيادة ما عدا في موسم التكاثر، غير أنه يمتلك في المقابل صفات نادرة منها الخجل وتذوق الجمال الموسيقي، وهذا ما اكتشفه الرعاة منذ القدم إذ استعانوا بالغناء لحث الجمال على السير.

وينقل عن رائد علم الاجتماع عبد الرحمن بن خلدون (1332-1406) قوله إن مصر كان فيها "معلمون تخصصوا في تعليم الحداء وهو غناء قادة الجمال"، كما يسجل أيضا أن الحداة كانوا يغنون ألحان الحب والشجاعة، فينسى الجمل "هديره الشهواني ويوجه أنفه في اتجاه مستقيم نحو الأفق".

ويكشف الكتاب أن "أقدم الجمليات" لم تكن أكبر من الأرنب البري، وأنها أمضت 36 مليون عام من وجودها في أميركا الشمالية التي لا توجد فيها حاليا جمال إلا في حدائق الحيوان "أو في مزارع المزارعين غريبي الأطوار".

ويوضح أن الأميركتين كانتا قارتين منفصلتين، وأنهما اصطدمتا قبل 2.5 مليون عام وأصبح بينهما جسر أرضي سمح للجمليات بالهجرة جنوبا.

والترجمة العربية للكتاب تقع في 263 صفحة متوسطة، وأنجزها المترجم المصري أحمد محمود وراجعها خالد المصري وصدرت ضمن "مشروع كلمة" في أبوظبي.

ويقول الكاتب البريطاني إن الجمل رمز الصحراء والشرق الأوسط، وتراه عيون الكثيرين مخلوقا يتسم بقدر كبير من الجَمال.

الأمر الذي يتضح بصورة جلية في العالم العربي، حيث كان للجمل دور مهم في التطور التاريخي للمجتمع العربي الذي كرس له قدرا هائلا من مفردات اللغة العربية والأعمال الأدبية التي لا حصر لها.

ويبحث إيروين في كتابه سبب افتتان ثقافات كثيرة بالجمل، بما في ذلك المناطق التي لم يكن الجمل من حيواناتها المحلية. و هو يستجلي تاريخ الجمل منذ أصوله قبل ملايين السنين حتى الوقت الحالي.

ويعد هذا الكتاب أول مسح يناقش دور الجمل في المجتمع والتاريخ في أنحاء العالم. ويضم ما يزيد عن المائة صورة ويقدم المعلومات التي يحتاج إليها أي شخص مهتم بهذا الحيوان الساحر.

ويضم الكتاب فصولا منها "أسلاف الجمل" و"الجمال في عصور العالم الإسلامي الوسطى" و"جمال الوحش.. الأدب والفن" و"دور الجمل في التاريخ" و"جمل الحداثة".

والمؤلف كما يسجل غلاف الترجمة العربية، "خبير بارز في الثقافة العربية" وقام بتدريس التاريخ العربي في جامعات لندن وكمبريدج وأوكسفورد، وهو محرر الشرق الأوسط في الملحق الأدبي بصحيفة التايمز.

ويقول إيروين إن الجمل الذي يوصف بأنه سفينة الصحراء يسير 4 أيام متواصلة بدون ماء "وإذا حكمت الضرورة تصير 14" يوما، وإنه سهل القيادة ما عدا في موسم التكاثر "وكأنه يتذكر ما لقيه من سوء معاملة من قبل. يعض سائسه ويوقعه أرضا ويرفسه"، ثم يعود إلى وداعته السابقة.