يرصد شاعر مصري كيف تأثرالشاعر العراقي بدر شاكر السياب، أحد رموز الشعر الحر في العالم العربي، ببعض الشعراء العرب القدامى والمحدثين وبعض الشعراء الأجانب الذين ترجم لهم قصائد كان يضمن بعض صورها في شعره.

يقول حسن توفيق إن "دراسة مدى تأثر السياب بغيره قضية جديرة بالاهتمام بعيدا عن أحاديث السياب نفسه عن تأثراته التي يجب أن نقترب منها بشيء من الحذر فلا نغفلها تماما ولا نصدقها تماما"، حسب وكالة رويترز.

ويضيف توفيق، 69 عاما، والمقيم في الدوحة منذ نهاية السبعينات، في مقدمة بلغت 38 صفحة من كتاب "بدر شاكر السياب.. أصوات الشاعرالمترجم" أن هذه التأثرات يجب أن تكون من خلال الدراسة المقارنة لقصائد السياب وغيره من الذين تأثر بهم.

والكتاب الذي يقع في 167 صفحة متوسطة القطع يوزع مجانا مع العدد الجديد من مجلة "الدوحة القطرية"، ويضم مختارات من قصائد السياب وترجماته لأشعار 16 شاعرا أجنبيا، منهم الإسباني فدريكو جارسيالوركا، والأميركي إزرا باوند، والهندي طاغور، والتركي ناظم حكمت، والإيطالي أرتورو جيوفاني، والبريطانيان تي إس إليوت وإديث سيتويل، ومن تشيلي بابلو نيرودا.

وصدرت ترجمات السياب لأول مرة عام 1955 بعنوان "قصائد مختارة من الشعر العالمي الحديث".

ويقول توفيق إن "السياب تأثر بشعراء عرب وأجانب في مراحل تطور تجربته الشعرية وبخاصة في الخمسينيات، في مرحلة الالتزام الماركسي وما تلاها" ناقلا عن السياب قوله إنه "يحب البريطانيين وليام شكسبير وجون كيتس".

كما ينقل قول السياب "وأكاد أعتبر نفسي متأثرا بعض التأثر بكيتس من ناحية الاهتمام بالصور، بحيث يعطيك كل بيت صورة، وبشكسبير من ناحية الاهتمام بالصور التراجيدية العنيفة، وأنا معجب بتوماس إليوت، متأثر بأسلوبه لا أكثر، ولا تنس دانتي فأنا أكاد أفضله على كل شاعر".

وذكر السياب عام 1956 أن البحتري "أول شاعر تأثر به، ثم وقع تحت تأثير الشاعر المصري علي محمود طه، الذي توفي عام1949، فترة من الزمن، وعن طريقه تعرف على آفاق جديدة من الشعر حين قرأ ترجماته للشعراء الإنجليز والفرنسيين".

ويسجل توفيق أيضا تأثر السياب بكل من أبي تمام، والبريطانية سيتويل، إذ نقل عنه قوله "حين أراجع إنتاجي الشعري ولا سيما في مرحلته الأخيرة أجد أثر هذين الشاعرين واضحا، فالطريقة التي أكتب بها أغلب قصائدي الآن هي مزيج من طريقة أبي تمام وطريقة إديثسيتويل".

وأشاد السياب بالشاعر العراقي محمد مهدي الجوهري، الذي كان يلقب بمتنبئ العصر واعتبره أعظم شاعر في ختام النهج التفعيلي للشعر العربي.

ويقول توفيق إن "السياب كان يلجأ في أحيان قليلة إلى ترجمة أبيات من شعر سيتويل ويضمنها في شعره مستشهدا بقصيدته (الأسلحة والأطفال)التي يقول فيها: ومن يفهم الأرض أن الصغار يضيقون بالحفرة الباردة"، وهو متأثر فيها بقصيدة (أم ترثي طفلها) لسيتويل التي تقول فيها "الأرض عجوز شاخت حتى لا تعلم بأن الصغار حركون كظلال الربيع".

ويسجل أيضا أن السياب "ذكر تأثره بكل من المصريين أحمد شوقي وعلي محمود طه، والعراقي الجواهري، واللبناني بشارة الخوري.

ويقول توفيق إن "الحب أعمى ولكنه يمكن أن يكون مبصرا في حالة القدرة على الرؤية الموضوعية للمزايا والنقائض في العطاء الشعري لشاعر بارز في حجم السياب" مضيفا أنه "حين كان طالبا في كلية الآداب بجامعة القاهرة كان إعجابه به بغير حدود وأن هذه الدراسة وليدة حبه للسياب".

وتوفيق له دواوين منها "الدم في الحدائق" و"أحب أن أقول لا" و"حينما يصبح الحلم سيفا" و"وردة الإشراق" و"انتظار الآتي" الذي نال عنه جائزة الدولة التشجيعية من مصر عام 1990.

يذكر أن بدر شاكر السياب، 1926-1964، شاعر عراقي ولد بقرية جيكور جنوب شرق البصرة، درس اللغة العربية بجامعة بغداد، ثم الإنجليزية، ومن خلال تلك الدراسة أتيحت له الفرصة للإطلاع على الأدب الإنجليزي بكل تفرعاته.

عمل مدرسا للغة الإنجليزية في إعدادية الرمادي، ولكنه طرد منها ثم سجن بسبب معتقداتة السياسية، مات عن عمر 38 عاما.

ابتكر بدر شاكر طريقة جديدة في الشعر وهو الشعر الحر.