أحيى الإيرانيون، الأحد، عيد "يلدا"، أحد أقدم الأعياد الشتوية في البلاد، في أجواء طغى عليها القلق الاقتصادي وارتفاع الأسعار، ما ألقى بظلاله على طقوس الاحتفال التي تعود جذورها إلى العصور الفارسية القديمة.
ويعد عيد يلدا، الذي يوافق ليلة الانقلاب الشتوي وأطول ليالي السنة، مناسبة عائلية تقليدية ترمز إلى انتصار النور على الظلام، حيث تجتمع الأسر لتناول الفاكهة والحلويات، وعلى رأسها الرمان والبطيخ والمكسرات، إلى جانب قراءة أشعار حافظ الشيرازي.
غير أن هذه الطقوس باتت، وفق شهادات مواطنين، أكثر تواضعا هذا العام بسبب التضخم والركود الاقتصادي. وتقول ماري غوزاردي، وهي مصممة ديكور من طهران، إن القدرة الشرائية تراجعت بشكل كبير، مشيرة إلى أن موائد يلدا لم تعد كما كانت في السنوات السابقة.
وبحسب بيانات المصرف المركزي الإيراني، بلغ معدل التضخم السنوي أكثر من 40 بالمئة، وسط انخفاض حاد في قيمة الريال الإيراني، الذي سجل مستويات قياسية متدنية أمام الدولار في السوق غير الرسمية.
وأدى ارتفاع أسعار الفاكهة، خصوصاً الرمان، إلى تراجع المبيعات، بحسب باعة في أسواق طهران، فيما لجأت بعض الصحف إلى التعبير عن الأزمة برسوم كاريكاتورية تعكس ابتعاد هذه الطقوس عن متناول شرائح واسعة من المجتمع.
وتزامن العيد هذا العام مع مخاوف اقتصادية متزايدة، في ظل تداعيات الحرب الأخيرة مع إسرائيل، واحتمالات تشديد العقوبات الدولية، واستمرار الجمود في المفاوضات النووية، ما زاد من حالة عدم اليقين لدى الإيرانيين.
ورغم ذلك، لا يزال كثيرون يتمسكون بمعنى يلدا الرمزي، بوصفه مناسبة للأمل ولمّ الشمل، حيث ترى الطالبة مارال باغربور أن الاجتماع العائلي وقراءة الشعر يمنحان العيد طابعه الخاص، حتى في أصعب الظروف.
ولا تقتصر احتفالات يلدا على إيران وحدها، إذ تحيى المناسبة أيضاً في دول ناطقة بالفارسية مثل أفغانستان وطاجيكستان، باعتبارها جزءاً من التراث الثقافي المشترك.