يصر النجار السوري مأمون الحلاق، على إنتاج القطع الخشبية التراثية، باستخدام الأساليب التقليدية، على الرغم من الخسارة التي لحقت بمنجرته القديمة خلال الأزمة في سوريا.

فعندما كتب سليمان العيسى قصيدته عمي منصورٌ نجار، كان يعلم أن لمنصور أسماء وأوجه كثيرة، فالاختلاف بين منصور ومأمون ليس بالكبير، يختزل فقط بسنوات الصراع في سوريا والظروف المعيشية، فالسوريون يشدون قبضتهم على ما تبقى لهم من حق العيش والحياة، يصر العم مأمون على التمسك بالتراث السوري ويستمر بإنتاجه من خلال الأساليب التقليدية.

قصة صمود

يقف العم مأمون منحنيا على مخرطته التي يضعها في مقام روحه ويصنع بها قطعا خشبية تقليدية في دمشق، وهو يقول: "هذه المخرطة هي جزء لا يتجزأ من روحي، فهنا كبرت وتربيت وتعلمت أن العمل في مجال إنتاج القطع التراثية تتطلب منك جهدا وتعبا وتفكيرا، وكأنك ترسم من ذاكرتك الثقافية، فهذه القطع التراثية هي لوحات رسمتها في خيالي ونحتها من تعبي وكدي".

ويعيد النجار مأمون، صنع القطع التقليدية التي كان يستخدمها أسلافه من السوريين، مثل مطاحن القهوة والنرجيلة والصواني والآلات الموسيقية، بأحجام متعددة ليتمكن الناس من شرائها وعرضها في مساحات صغيرة، أو حملها معهم إلى بلدان مختلفة.

وبين مأمون الحلاق أن كل منتجات محلية تراثية بحتة، مثل المهباج وغيره، لقوله "بإمكان الزائر شراء قطعة من هذه المنتجات العريقة السورية، المتوغلة في جذورنا الثقافية العريقة وأخذها معه".

فالمخرطة التي يملكها العم مأمون ليست بروح كاملة بل ما تبقى من هذه الروح، فالحرب أفقدته ورشة النجارة التي كان يملكها في مخيم اليرموك، ويعمل حاليا من متجر صديقه ويكتفي بعرض منتجاته في المعارض.

وعلى الرغم من ذلك، يعد مأمون الحلاق من الأقلاء الذين ما زالوا يعتمدون على المخرطة التقليدية القديمة، لصعوبة استخدامها حيث ذلك يتطلب جهدا جسديا كبيرا، وتضحية كبيرة منه خاصة في ظل تدهور الوضع الأمني وقلة ذات اليد، إلى درجة أن مأمون يضطر أحيانا إلى الدفع من ماله الخاص عندما يحس شح المدخول، ليحتفظ باستمرارية مزاولته لهذه الحرفة العريقة ويضمن بقاءه فيها.

أخبار ذات صلة

"ألف صانع وصانعة"...مبادرة تدعم حرفيي مراكش
معرض سوري للصناعات اليدوية رغم الحرب