في السابع والعشرين من سبتمبر من كل عام تحتفل مصر بالذكرى السنوية لفك رموز حجر رشيد، والذي تم اكتشافه في عام 1799 على يد جندي فرنسي يدعى "بيير فرانسواه بوشار" خلال حملة "نابليون بونابرت" على مصر.

وقد تمكن العالم الفرنسي "جيان فرانسواه شامبليون" من تفسير اللغات المنقوشة على الحجر بعد مضاهاتها بالنص اليوناني ونصوص هيروغليفية أخرى، ما فتح آفاقا جديدة في معرفة التاريخ المصري القديم.

ويوضح  المؤرخ وعضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية بسام الشماع أن حجر رشيد اكتشف في قلعة المملوك الحاكم "قايتباي" بمدينة رشيد، وقد كانت هذه القلعة تُحضر وتجهز من قِبل القوات الفرنسية الغازية بقيادة الجنرال "مينو" للاستعانة بها في حروبها ضد الإنجليز، وكان المُشرف على عمل التجهيزات للقلعة ضابط مهندس اسمه "بيير فرانسواه بوشار"، وقد اكتشف أحد أفراد فرقته هذا الحجر، لافتا إلى أن العالم "شامبليون" فك رموز "لوحة رشيد الحجرية" من مُستنسخ لها وليس من اللوحة الحجرية الأصلية، وقدم ترجمة وفك الرموز عام 1822.

أخبار ذات صلة

مصر تكتشف تابوتا لأحد "كبار رجال الدولة" في عهد رمسيس الثاني
بالتفاصيل.. قصة "جُبن أبيض فرعوني" عمره يتخطى 2500 عام

 طبيعة حجر رشيد

ويطالب الشماع في حديثه لسكاي نيوز عربية بتغيير اسم حجر رشيد إلى "لوحة رشيد الحجرية"، عازيا ذلك إلى أن الحجر هو الذى تقتطعه من المحاجر، فإذا نقشت عليه كتابة يصبح لوحة، موضحا أن اللوحة منحوتة من حجر يسمى "غرانوديورايت"، وهو عبارة عن حجر صلد يشبه الجرانيت ولكنه يغلب عليه اللون رمادي يتخلله عروق من اللون الوردي.

ويضيف الشماع في حديثه لموقع سكاي نيوز عربية أن نص "لوحة رشيد الحجرية" يرجع إلى زمن الحاكم اليوناني "بطولميس الخامس"، وهو عبارة عن بيان ومرسوم ديني سياسي يؤكد ديانة ملكية موهوبة من مجلس الكهنة للحاكم "بطولميس الخامس" في أول احتفال للذكرى الأولى لتتويجه، وفى هذا الاحتفال كان "بطولميس" يبلغ من العمر 13 عام، وقد استمرت فترة حكمة من عام 204 إلى عام 185 ق.م، مضيفا أن هذه اللوحة تحتوي على 14 سطرا باللغة الهيروغليفية و32 سطرا باللغة الديموقراطية و54 سطر باليونانية.

وتابع عندما تم اكتشاف اللوحة في 15 يوليو سنة 1799 تم على الفور التعرف على الخط الهيروغليفي، وتم التعرف على اللغة اليونانية بسهولة أيضاً، ولكن الخط الديموطيقي كان صعب تحديد كينونته، وفي بداية الأمر أعتقد العلماء أنها كتابة "سريانية ".

حجر رشيد.. 200 عام على فك رموز الحضارة المصرية

 طريقة فكر رموز اللغة الهيروغليفية باستخدام حجر رشيد

وحول طريقة فك رموز اللغة المصرية القديمة بين "الشماع" أنه "في حجر لوحة رشيد ثلاثة نصوص، الأعلى  كتب باللغة القديمة الهيروغليفية وهي الرموز المقدسة، وفي المنتصف كتابة باللغة الديموطيقية وهي كتابات العامة، ومن أسفل نص يوناني قديم وكانت اللغة اليونانية معروفة، وبمقارنة النصوص اليونانية بالنصوص التي فوقها غير المعروفة تم معرفة أصوات الكلمات الخاصة بالأسماء مثل اسم كيلوباترا، وفهم تماثل نطق بعض الكلمات اليونانية بالنصوص الهيروغليفية، لكن ما ميز "شمبليون" عن من سبقوه في هذا الأمر هو معرفته باللغة القبطية والتي كانت عبارة عن مزيج بين اللغة المصرية القديمة وبين اليونانية، ومن خلال هذه المعرفة تمكن من ربط اللغات ببعضها، وقد تعلم شامبليون اللغة القبطية من مصريين".

وأشار إلى أن: "العلماء اختلفوا حول ما إذا كانت اللغة الهيروغليفية لغة كتابة فقط أم لغة كتابة ونطق، لكني أرى من وجهة نظري أن اللغة الهيروغليفية لغة نطق وكتابة معا، وقد كانت لغة الملوك والقادة والوزراء، خاصة أن نسبة المتعلمين في الشعب المصري للقراءة والكتابة لم تكن كبيرة".

أهمية اكتشاف حجر رشيد

وحول أهمية اكتشاف حجر رشيد يبين: "اكتشاف حجر رشيد أدى لمعرفتنا بأعماق وأسرار الحضارة المصرية، وعلومها، وحكمة الإنسان المصري القديم، من خلال تراجم البرديات والنصوص المقدسة، فضلا عن معرفة تفاصيل المعارك والأحداث السياسية التي جرت، والبيت المصري القديم، وكيفية تأسيس العائلة، وتربية الأطفال، وقراءة التاريخ بشكل يثبت أحقيتنا في حضارتنا، والرد على المشككين فيها بالنصوص والأدلة، كما تم تأسيس علم المصريات بطريقة علمية سليمة، ما يجعل لوحة رشيد الاسترشادية نصا بيانيا يتضمن مواضيع متنوعة تجعلها سفيرة تحمل رسالة للعالم كله من مصر".

ولفت الشماع إلى أن حجر رشيد لم يكتشف مكتملا ولكنه كانت هناك أجزاء مكسورة منه من أعلى ومن الأجناب، وقد انت هناك محاولات لاكتشاف الأجزاء المكسورة والمفقودة من اللوحة الحجرية فى المنطقة المحيطة بمكان اكتشاف اللوحة الأصلية، ولكنها كلها باءت بالفشل، وقد قيل على الاجزاء المكسورة والمفقودة من اللوحة الحجرية "حاولوا أن تجدوها لأنها تساوى وزنها من الماس".

وبين أنه بعد هزيمة الفرنسيين من قبل الإنجليز في معركة "أبى قير البرية" كان عليهم أن يقوموا بتسليم كل الآثار التي حصلوا عليها من مصر قبل خروجهم منها، وذلك طبقاً "لاتفاقية الإسكندرية"، لكن الإنجليز أخذوها وتم نقلها إلى إنجلترا واستقرت في المتحف البريطاني.