على ضوء الوتيرة المرتفعة لحوادث المرور، تحركت السلطات في الجزائر من أجل وضع إطار قانوني فعّال لتعزيز السلامة المرورية، وفي هذا الإطار تم فتح نقاش مع الخبراء والمعنيين لإيجاد مخرج تشريعي وعلمي للظاهرة.

ودعت جمعيات مختصة في السلامة المرورية إلى سن تشريعات وضرورة التطبيق الصارم للقانون معاً، من أجل "فرملة" ظاهرة حوادث السير التي عرفت ارتفاعا مخيفا بعد فترة من الهدوء خلال جائحة كورونا بسبب الحجر الصحي (سنة 2020) وما تبعها من توقف لحركة السير.

كما قدمت هذه الجهات حلولا عملية بغية الحفاظ على السلامة المرورية وأرواح المواطنين في آن واحد، ووقف عدّاد الضحايا.

من يكبح عدّاد الحوادث؟

وقد عرف موسم الصيف الجاري، حوادث مميتة أغلبها خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين، إذ سُجلت بشكل يومي، ونقلتها وسائل الإعلام المحلية وصفحات مواقع التواصل الإجتماعي حال وقوعها، ويُرجع مختصون أسباب الحصيلة الثقيلة بنسبة كبيرة إلى العامل البشري.

وبحسب آخر حصيلة نشرتها المديرية العامة للحماية المدنية (الدفاع المدني)، الثلاثاء، فإنه "توفي 42 شخصا وجرح 1910 آخرون في حوادث مرور شهدتها مختلف مناطق الوطن في الفترة الممتدة من 28 أغسطس إلى 3 سبتمبر".

وتفيد أرقام كشف عنها المدير المكلف بتسيير مديرية تقييم النشاط الوزاري المشترك بالمندوبية الوطنية للأمن في الطرق أنه خلال الأشهر الـ7 الأولى من السنة الجارية، بلغ عدد ضحايا "نزيف الطرقات" 1992 قتيلا و18 ألف و661 جريحا.

وقد دارت نقاشات واسعة في الجزائر خلال الفترة الأخيرة، حول كيفية إيجاد آليات لكبح تنامي حوادث السير، إذ تحدث رئيس مجلس الأمة الجزائري (الغرفة العليا للبرلمان)، صالح قوجيل عن حوادث المرور الأخيرة، ما يؤكد الإهتمام على مستوى أعلى بشأن ضرورة إيجاد حلول لهذه المشكلة.

ودعا المسؤول ذاته بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية العادية 2022-2023، بداية الأسبوع الجاري، الحكومة إلى اتخاذ إجراءات أخرى من أجل سلامة المواطنين وتدعيم المراقبة التقنية للحافلات والسيارات بشكل دوري.

خطط لـ"فرملة" الظاهرة

نصبت وزارة العدل الجزائرية لجنة متعدد القطاعات لإضفاء تعديلات على قانون المرور من خلال إعداد النصوص التنظيمية، كما نظمت وزارة النقل ورشة عمل على مدار يومين بغية دراسة ارتفاع وتيرة هذه الحوادث، ووضع فوج عمل يعكف على إعداد مشروع نص قانوني يتعلق بالأمن والسلامة عبر الطرقات.

وقد أفاد رئيس الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية والأمن عبر الطرق، علي شقيان وهو مشارك في هذه الورشة الوزارية بقوله "تقدمنا بمقترحات عملية من أجل وضع حد للمجازر المرورية التي أصبحت تعرفها طرقنا يوميا خاصة خلال الشهرين الأخيرين".

وتحدث علي شقيان لـ"موقع سكاي نيوز عربية" عن أبرز المقترحات المقدمة ولخصها في "ضرورة إدراج منظومة تكوين جديدة تخص السائقين سواء نقل الأشخاص أو البضائع، مبنية أساسا على برامج بيداغوجية ونفسية متقدمة، ولم لا إنشاء ديوان وطني للمسابقات بهدف رفع وتحسين مستوى التكوين".

في السياق ذاته، أكد رئيس الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية والأمن عبر الطرق على "ضرورة استعمال جهاز قياس السرعة داخل المركبات وهو الإجراء الذي ينص عليه القانون، وتطبيق رخصة السياقة بالتنقيط"، مشيرا إلى "مراقبة حالة المركبات خاصة حافلات نقل المسافرين غير المطابقة لمعايير النشاط".

أخبار ذات صلة

حديث الساعة في الجزائر.. عريس وعروسان بحفلة واحدة
لغة "شكسبير" تطرق أبواب ابتدائيات الجزائر.. هل تنجح التجربة؟

السلامة المرورية "أولوية"

وبحسب دراسة أجرتها المندوبية الوطنية للأمن في الطرق بالتعاون مع جامعة باتنة شرق البلاد، فإن حوادث المرور تكلف الخزينة العمومية خسائر مادية قدرت بـ100 مليار دينار سنويا.

ويرافع الخبير والباحث الدولي في السلامة المرورية، امحمد كواش منذ مدة لجعل السلامة المرورية "أولوية وطنية" تساهم في الحفاظ على الأمن المروري في البلاد، داعيا إلى وضعها على طاولة النقاش بإشراك الخبراء من أجل الخروج بالتشخيص الصحيح لهذه الظاهرة.

ودعا الباحث الدولي في السلامة المرورية، كواش في اتصال مع "موقع سكاي نيوز عربية" إلى "ضرورة إدخال السلامة المرورية في الوسط المدرسي بغية تكوين جيل يولي أهمية لقانون المرور".

ويعتبر المتحدث ذاته أن التطبيق الصارم لقانون المرور على السائقين المخالفين، بما فيه تطبيق رخصة السياقة بالتنقيط التي يراها "أسلوبا تربويا بيداغوجيا" مهما لمعالجة المشكلة.

المعجم المفيد لقيادة الرجل العنيد