ينشط مهندسون سودانيون في ابتكار مشروعات سكنية أقل تكلفة عبر إحياء ثقافة استخدام المواد المحلية، في ظل الارتفاع الكبير بأسعار مواد البناء المستوردة واستفحال أزمة السكن خصوصا في أوساط الشباب.

وتتوافر في السودان العديد من مواد البناء الطبيعية مثل الجير والأحجار الصخرية وطين الأنهار والأخشاب المحلية مثل السنط، واللالوب والخيزران.

وتقل تكلفة تلك المواد بأكثر من 60 بالمئة عن المواد المستوردة مثل الإسمنت والأخشاب الأخرى.

ووفقا للمهندس محمد البدوي فإنه وعدد من المهتمين يعكفون على تعزيز الاستفادة من المواد المحلية المتوافرة بكثرة وذلك من خلال تطوير وزيادة كفاءة استخدامها.

أكياس خالدة!

 

السودان.. ارتفاع الوقود ينعكس سلبا على السلع الغذائية

 وقال البدوي لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن التحدي الأكبر بالنسبة لهم هو تطوير المواد المحلية بحيث تعطي مميزات أفضل من المواد المستوردة من ناحيتي المتانة والشكل الجمالي.

وأوضح البدوي أن فكرة العودة للطبيعة واستخدام المواد المحلية جاءت من الحاجة المتزايدة لبناء مساكن للشباب.

مبادرة المليار وجبة تدعم الأمن الغذائي لآلاف الأسر بالسودان
"الطنبور".. آلة موسيقية تحافظ على جمهورها بالسودان

وأضاف: "في ظل الزيادة السكانية وارتفاع تكلفة مواد البناء المستوردة، يلجأ كثيرون إلى تأجيل مشروعاتهم السكنية، لكن إذا ما أحسن الشباب اختيار نماذج المباني التي تعتمد على المواد المحلية المطورة، فإن ذلك يساعد على تقليص التكلفة، ويزيد من الشكل الجمالي والتصميمي المتناغم مع البيئة السودانية".

وحتى نهاية سبعينيات القرن الماضي كان سكان الريف السوداني يعتمدون على المواد المحلية المتوافرة في مناطقهم لبناء بيوتهم، ففي الشمال كانت البيوت تبنى من الطين الخالص وتسقف بسيقان وجريد النخيل ثم تزين بنقوش نوبية توضع على أبوابها المصنوعة غالبا من سيقان أشجار السنط التي تنمو بكثرة على ضفاف نهر النيل.

أخبار ذات صلة

السودان...60% من سكان المدن يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي

أما في الغرب ومناطق النيل الأزرق وبعض مناطق شرق البلاد فحتى وقت قريب كان النمط السائد هو بناء ما يعرف بـ"القطاطي" وهي غرف شبه دائرية يبنى نصفها الأسفل بالطين العادي، والنصف العلوي بعيدان عشبية رقيقة وذات ملمس ناعم.

أخبار ذات صلة

"الفسيفساء" يزين شوارع الخرطوم.. وأول دكتوراه بهذا الفن
هل ينجح الشباب في إنقاذ السينما السودانية؟

وتحول الأمر بشكل دراماتيكي خلال السنوات الماضية إذ أصبحت المباني في معظم المناطق الريفية شبيهة بنظيراتها في المدن، إلا أن القفزة الهائلة في أسعار مواد البناء المستوردة جعلت الكثيرين يفكرون في بدائل ممكنة، وهو ما شجع التوجهات الأخيرة التي يقودها البدوي وغيره من المهتمين.

أخبار ذات صلة

منحت الأمل.. فنانة سودانية تحارب السرطان بطريقة مبتكرة 
"التواصل الموسيقي" يقاوم التحولات  في منطقة القرن الإفريقي

وفي هذا السياق أشار البدوي إلى أن تغير المفاهيم وزيادة الوعي البيئي كلها عوامل تسهم بشكل مباشر في تعزيز ثقافة العودة للطبيعة لاستنباط تصاميم راقية يتم تنفيذها بمواد محلية قليلة التكلفة وذات مميزات بيئية عالية القيمة.

ويسعى البدوي وعدد من المهندسين الشباب إلى إيجاد حلول للمشاكل المرتبطة باستخدام المواد المحلية مثل ضعف قدرتها على مقاومة الأمطار الغزيرة أو الرياح العاتية أو الحرائق.

أخبار ذات صلة

التضخم السنوي في السودان يتراجع إلى 149 بالمئة في يونيو

وفي هذا الإطار يقول مصعب وهو مهندس مدني حديث التخرج إنه يعمل مع مجموعة من زملائه على تطوير كفاءة المواد المحلية وزيادة قدرتها على المقاومة وذلك من خلال الاستفادة من التطورات العلمية المتلاحقة والتجارب التي خاضتها بعض البلدان الأخرى ذات الطبيعة والظروف المناخية المشابهة للسودان.

ورغم أن جيل الشباب الحالي ولد في عصر التسابق المعماري في العديد من بلدان العالم وانتشار ناطحات السحاب والمباني العالية والتصاميم المعتمدة على المواد المصنعة، إلا أن فكرة العودة للطبيعة تبدو مشجعة جدا لمحمد أنور وهو خريج جامعي في بداية مشواره الوظيفي.

ويقول أنور لموقع "سكاي نيوز عربية" إن التصاميم القائمة على استخدام المواد الطبيعية والمحلية تبدو جميلة وأكثر ملاءمة للبيئة المحلية والأهم من كل ذلك أنها قليلة التكلفة وتناسب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها معظم الشباب السودانيين.