عادةً ما ترمي الفنادق الفاخرة بياضاتها قبل أن تظهر عليها أدنى علامات الاهتراء، لكنّ هذه المنتجات المصنوعة من النسيج تلقى في كيب تاون مصيراً مختلفاً إذ تُحوَّل إلى قمصان يرتديها تلاميذ الأحياء الفقيرة.

وتجمع دانوليني يوهانسن آلاف البياضات في مشغل الخياطة التابع لشركتها، لاستخدامها من أجل تصنيع قمصان بيضاء يرتديها أطفال المدارس في جنوب إفريقيا.

وتقول المرأة صاحبة الوجه المستدير "أردنا إيجاد طريقة لإبقاء أطفالنا في مدارسهم ومدّهم بالملابس اللازمة لارتيادها... وتعزيز احترامهم لذاتهم".

ومنذ العام 2015، تمكّن مشروعها المسمّى "ريستور إس إيه" من توفير قمصان مصنوعة من الكتان القديم لنحو مئة ألف طفل. ويمكن تصنيع خمسة قمصان من ملاءة سرير مزدوجة واحدة.

وتفرض المدارس الحكومية في جنوب إفريقيا على تلاميذها ارتداء الزيّ الرسمي الموحّد، في محاولة ولو بسيطة لإزالة التفاوتات العميقة والواضحة بين السكان، إذ يرتدي جميع التلاميذ في المدارس الابتدائية بدءاً من الضواحي الأكثر ثراءً وصولاً إلى أفقر الأحياء، قمصاناً بيضاء وسراويل قصيرة أو تنانير رمادية وجوارب تصل إلى الركبة.

سحر البزار.. في التطوع طموح!

لكنّ العائلات الأكثر فقراً لا يمكنها أن تتحمّل تكلفة شراء هذه الملابس البسيطة، بالإضافة إلى أنّ معدّل البطالة الذي يبلغ 35% في جنوب إفريقيا تفاقم جراء جائحة كوفيد-19.

وفي حيّ تامبورسكلوف الراقي، تدير باميلا نايلر فندق "باركر كوتدج" الواقع على منحدر خفيف والمطل على المحيط. وتوضع على أسرّته المرتّبة بدقة صفوف من الوسائد المريحة. ولإرضاء الزبائن المتطلبين، ينبغي استبدال ملاءات الأسرّة باستمرار.

وتقول نايلر "أخبرنا مورّد الكتان الذي نتعامل معه عن المشروع. ونتبرّع حالياً بملاءات الفندق لتحويلها إلى قمصان يرتديها التلاميذ".

وفي بونيفال الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر من حيّ تامبورسكلوف، تصطحب ليمييز بيتيرس ابنتها إلى المدرسة المؤلفة من مبنى أزرق بسيط وحديقة متواضعة، فحالها أفضل بكثير من حال مدارس أخرى في جنوب إفريقيا.

وبما أنّ متطلبات العيش باهظة، يُحدث توزيع القمصان من الجمعية فرقاً كبيراً، بخاصة وأنّ أحداً لا يمكنه ملاحظة أدنى فرق بين هذه القمصان وتلك الموجودة في المتاجر.

وتقول بيتيرس "أتيت إلى هنا لأحصل على قميص لابنتي وأنا محظوظة جداً وأشعر بالبركة".