لعدة شهور، ظلّ أستاذ الآثار بالقاهرة ميسرة عبد الله، يختار ويدقق الترانيم والأناشيد التي سُتعزف في الاحتفالية الضخمة التي تشهدها مدينة الأقصر السياحية جنوبي مصر، الخميس، بافتتاح طريق الكباش الأثري، الذي يعد أقدم طريقا أثريا في العالم.

فما إن أعدت الحكومة المصرية خطتها لهذه الاحتفالية العالمية، حتى جرى التواصل مع "ميسرة" لاختيار الأناشيد المناسبة للاحتفالية، بعد الظهور المُبهر باحتفالية موكب المومياوات الملكية في أبريل الماضي.

يقول ميسرة في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية"، قبيل ساعات من انطلاق الاحتفالية، إن "كافة الأناشيد مستوحاة من جدران 3 معابد، هي: الكرنك، والأقصر، والدير البحري؛ ارتباطا مباشرا باحتفالات عيد الأوبت، إذ كانت هذه الأناشيد تغنى في مصر القديمة خلال عصر الدولة الحديثة".

وأشار أستاذ الآثار المصري إلى اختيار 3 ترانيم للعزف خلال احتفالية افتتاح طريق الكباش، بحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وعدد من الشخصيات العامة من مصر والعالم، الأولى ترنيمة الافتتاحية وهي النداء الأول وكانت تغنى قبل خروج موكب عيد الأوبت من معبد الكرنك، والترنيمة الثانية تمثل أنشودة نداء آمون وهيّ مُسجلة على معبد الأقصر على 14 عمودا ، والأخيرة ترنيمة تتويج الملكة حتشبسوت صاحبة أقدم مناظر مسجلة حتى الآن عن عيد الأوبت نعرفها عن مصر القديمة.

تدقيق شديد

وأوضح أن العمل على اختيار الأناشيد والترانيم بدأ مع التجهيزات الأولى والإعداد للحفل في نهاية أغسطس الماضي، ليتواصل باستمرار من حينها مع قائد أوركسترا وكورال الاتحاد الفيلهارموني، المايسترو نادر عباسي، لاختيار أكثر من ترنيمة.

وبيّن أن الترانيم المُختارة لن تُقال بشكل كامل لأنها طويلة للغاية، ومن ثمَّ تم اختيار مقتطفات منها مناسبة للحدث.

وكشف ميسرة عن مفاجأة أن تلك الترانيم موثقة من على جدران المعابد، كما أن الآلات التي ستستخدم في العزف اليوم، هي ذاتها الآلات المصورة على الجدران، بالإضافة لمعايشة المظاهر الموسيقية الاحتفالية التي كانت موجودة في مصر القديمة.

أخبار ذات صلة

بأشعار الأوبت.. تفاصيل احتفالية موكب طريق الكباش
افتتاح طريق الكباش.. العالم على موعد مع مناسبة فرعونية مقدسة

وعن فلسفة اختيار تلك الترانيم، قال أستاذ الأكاديمي المصري أن "كل شيئ كان موثقًا، ولا يوجد ما هو من وحي الخيال أو الافتراض، واعتمدنا على الدقة الشديدة لدرجة أن النص الواحد يتم اختياره ثم يُراجع أكثر من مرة، ثم يعرض على المايسترو الذي يعكف بدوره على توزيع الموسيقى، ثم يُرسلها إليه من جديد لمراجعتها وضبطها مرة أخرى".

وأوضح أن أفراد الأوركسترا عانوا من صعوبة في التعامل مع اللغة المصرية القديمة، ولذلك كان هناك تدقيقا شديدا في اختيار المفردات وتوثيقها حتى لا تحدث أي أخطاء في الغناء.

ترويج للسياحة المصرية

ويرى ميسرة أن الهدف الأسمى من الاحتفالية والحدث العالمي الكبير، هو عملية ترويجية حضارية لحركة السياحة في مدينة الأقصر بعد الانتهاء من أكبر مشروع في تاريخ وزارة الآثار المصرية بالكشف طريق الكباش عام 1949 وصولًا إلى افتتاحه اليوم، بعد تأهيله وإضائته وتجهيزه بشكل مُبهر للحركة السياحية.

وأوضح أن هذا المشروع غيّر في خريطة وكيان وحياة السكان في الأقصر، كما كلف الدولة مبالغ طائلة منذ اكتشافه حتى اليوم، ولذلك كان لا بدَّ أن يأخذ حقه في الاحتفاء والدعاية العالمية في ظل تأثر الحركة السياحة جراء جائحة كورونا.