يواصل الكتاب باللغة الأمازيغية تعزيز حضوره على رفوف المكتبة الجزائرية، حيث اقتحم الكثير من الباحثين ميادين معرفية متنوعة وقرروا التأليف فيها باللغة الأمازيغية، التي ينص عليها الدستور الجزائري.

ويرى متابعون للشأن الثقافي أن ترسيم "تمازيغت" لغة وطنية ورسمية إلى جانب اللغة العربية منذ عام 2016، ساهم مع مرور الوقت في الدفع بحركية نشر الكتاب الناطق بالأمازيغية في الجزائر، حيث أصبحت العناوين بهذه اللغة حاضرة في معارض الكتاب الوطنية والدولية إضافة إلى الندوات الثقافية والأدبية المتخصصة.

إصدار جديد

وفي هذا السياق، تعززت المكتبة الجزائرية بإصدار بحثي جديد للكاتب والباحث، ابراهيم تازغارت المختص في الأدب الأمازيغي. الكتاب الذي صدر قبل أيام عن منشورات "ثيرا" يأتي بعنوان "حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.. على طريق الحقيقة"، حيث يتناول سيرة الرسول، إضافة إلى الحياة الروحية في شمال أفريقيا قبل العصر الإسلامي باللغة الأمازيغية.

وقد حقق هذا المؤلف المكتوب باللغة الأمازيغية صدى في الساحة الثقافية المحلية، فيما تقرر أن يقدم هذا الكتاب الجديد للباحث، ابراهيم تازغارت، عن قريب، في مقهى "فسيلة" الثقافي الذي يشرف عليه الكاتب والروائي عبد الرزاق بوكبة.

من التحدي إلى المتعة

ويرى صاحب الإصدار، ابراهيم تازغارت أن "الكتابة بالأمازيغية كانت تحديا قبل أن تتحول إلى متعة"، مبرزا في السياق ذاته أنها بعد سنوات "تحتل هذه اللغة اليوم مكانها الطبيعي في الحقل الأدبي والثقافي ليس فقط في الجزائر ولكن في كل شمال أفريقيا".

وفي غضون ذلك، أكد الناشر تازغارت في حديث مع "موقع سكاي نيوز عربية" أن "المقروئية بالأمازيغية في تحسن مستمر رغم بعض العوائق كالتوزيع والإشهار، إضافة إلى غياب جرائد مختصة جعلت الكتاب باللغة الأمازيغية غائبا في كثير من الفضاءات والمواعيد".

وأضاف صاحب عدة إصدارات باللغة الأمازيغية أنه "بعد الرواية الأولى التي كتبت سنة 1946 من طرف بلعيد أث اعلي، ها هي "سلاس ونوجة" التي نشرتها سنة 2004 تترجم إلى العربية وتنشر في القاهرة ليتمكن القارئ بالعربية الاطلاع على الأدب الأمازيغي".

بالمقابل، أشار المتحدث إلى أن الأدب الناطق بالأمازيغية "يحتاج إلى دعم صادق من طرف مؤسسات الدولة في إطار مشروع متكامل للنهوض بالثقافة كأساس لكل تقدم وازدهار اجتماعي واقتصادي".

وبخصوص الترجمة بين اللغات الوطنية والرسمية للجزائر، أبرز تازغارت أن التأسيس لحركة الترجمة "هي ضرورة لدعم ثقافة التكافل والتماسك الوطني الذي يجعل من التعددية مصدر قوة و رقي".

أخبار ذات صلة

الجزائر.. مبادرة لإحياء تراث غابات "تيزي وزو" المحترق
بسبب كورونا.. الجزائر تودّع 3 قامات ثقافية في يوم واحد

مكاسب مهمة

وقد تم إيلاء اهتمام بالغ بالنشر والإبداع باللغة الأمازيغية في الجزائر، حيث تم إطلاق جائزة رئيس الجمهورية للأدب واللغة الأمازيغية مطلع 2020، في إطار تشجيع البحث والإنتاج في الأدب واللغة الأمازيغية وترقيتهما سواء كانت أعمال مؤلفة باللغة الأمازيغية أم مترجمة إليها.

وتخص الجائزة أربعة مجالات، هي اللسانيات، الأبحاث العلمية والتكنولوجية والرقمنة، الأدب المعبر عنه بالأمازيغية والمترجم إليها، والأبحاث في التراث الثقافي الأمازيغي غير المادي.

وفي هذا الشأن، حققت اللغة الأمازيغية عدة مكتسبات في الفترة الأخيرة حيث أنه لأول مرة تم إصدار نسخة من الدستور الجزائري باللغة الأمازيغية في أبريل الماضي، مكتوبا بالحروف المعمول بها (التيفيناغ واللاتيني)، إلى جانب النص الأصلي باللغة العربية.

وكذلك تم إنجاز النسخة الأمازيغية من الدستور، على إثر التجمع البيداغوجي في شكل ورشة نظمت بمحافظة البويرة تحت إشراف وتأطير مجموعة من المترجمين والجامعيين والكتاب.

اهتمام متواصل

وفي لقاء حول محو الأمية باللغة الأمازيغية نظم بمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية لوهران، بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمحو الأمية، الأربعاء، أكد الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية (مؤسسة أكاديمية حكومية)، سي الهاشمي عصاد على أن "الاهتمام بالأمازيغية من شأنه أن يساهم في تعزيز الووحدة الوطنية التي يتربص بها الأعداء من مختلف الجهات".

وذكّر الأمين العام للمحافظة السامية الأمازيغية في تصريحات له بالمجهودات "الكبيرة" التي تبذلها الدولة في سبيل تكريس الأمازيغية عبر مختلف المنظومات والمؤسسات الرسمية داخل المجتمع.

وبخصوص محو الأمية بالأمازيغية لدى الكبار، قال ذات المسؤول إن "فروع تعلم الأمازيغية للكبار المفتوحة على مستوى 25 محافظة تحظى بإقبال كبير من طرف الناطقين بالأمازيغية وغير الناطقين بها"، مشيرا إلى أن المحافظة السامية للأمازيغية تسعى لتجسيد مشروع المدرسة الافتراضية والتعليم عن بعد.