في استديو صغير جهّزه بأدوات بسيطة داخل منزله في العاصمة المصرية القاهرة، يقتطع هاني ناصر، صاحب الـ30 عاما، وقتا طويلا من يومه من أجل دعم ذويه من المكفوفين، بموازاة ممارسة هوايته الخاصة في التعليق والمونتاج الصوتي، ليخرج أعمالا إبداعية تتحدى الإعاقة وتشجع آخرين على السير قدما في ذلك الاتجاه.

قبل أسابيع، بدأ هاني في نشر حلقات مسلسل إذاعي بعنوان "أمنية وجنية"، بمشاركة اثنين من المكفوفين، وهو المسلسل الذي ينشر حلقاته عبر موقع يوتيوب، ويسعى من خلاله لتقديم عدة رسائل، بداية من الرسائل التي يحملها مضمون الحلقات، وحتى رسائل دعم المكفوفين وتشجيعهم على استغلال أوقاتهم عبر الإنترنت في تفجير طاقاتهم الإبداعية.

الهندسة الصوتية

"درست الهندسة الصوتية، وحصلت على شهادة فيها، وأعشق هذا المجال كهواية بشكل أساسي، ذلك أنني يمكنني أن أخرج فيه طاقاتي، لا سيما أنني أكتب شعراً وقصصاً، وبدأت تسجيل ذلك بصوتي والقيام بمهام الهندسة الصوتية، بعد أن اقتنيت أدوات بسيطة للتسجيل والمونتاج"، يقول هاني في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" من القاهرة.

ويشير إلى أنه بعد ذلك بدأ في تشجيع ذويه من المكفوفين على استغلال مهاراتهم، وبدأ يجمع أصحابه ويطلب منهم التسجيل معاً أو في منازلهم، ويقوم هو بمهامه في إخراج سكتشات ومقطوعات مختلفة، كالقصص والحواديت وحتى المسلسل الأخير الذي يتم نشره.

وأضاف "بدأت أشجع المكفوفين على إرسال تسجيلاتهم لي للعمل عليها (..) التحدي الأكبر كان في أن كثيراً منهم يُسجل عبر الهاتف.. ودائماً ما أقول لهم عدة نصائح مثل توفير البيئة المناسبة للتسجيل، وطبيعة الغرفة والمكان الهادئ.. لكنني أتغلب على تلك التحديات من خلال دوري في الهندسة الصوتية، وهو ما يستغرق وقتاً".

هاني ناصر حاصل على شهادة في الهندسة الصوتية

مبادرة

وعن رسالته من تلك المبادرة، يقول هاني، الذي يعمل كموظف بإحدى الشركات ضمن نسبة الـ5 بالمئة التي يقرها القانون لعمل ذوي الإعاقة ضمن المؤسسات المختلفة في مصر: "لا ننكر أن هناك صعوبات يواجهها المكفوفون في العمل في الراديو أو خلافه، على الرغم من أن هناك بالفعل من يعملون في الإذاعة لكن نسبتهم قليلة.. وهناك الكثير من أصحاب الموهبة لا يجدون من يساعدهم أو يدعمهم، وبالتالي أردت توظيف ما تعلمته لخدمتهم.. علاوة على أن هناك الكثير من المكفوفين ممن لا يستطيعون التعبير عن ما بداخلهم، ولا يجدون دعماً، فيمكنهم التعبير عبر أعمالهم الإبداعية في القصص والحكايات والأشعار".

ويلفت بموازاة ذلك إلى أن تلك المبادرة كانت دافعاً لعددٍ من المكفوفين من أجل تطوير مهاراتهم وتعلم المزيد لإنتاج قصصهم بشكل مستقل ونشرها، وهو ما رصده من خلال قيام الكثيرين منهم بذلك، وهو أمر يعتبره جيد لاستثمار الفترة التي يقضي هؤلاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي في شيء جيد وإيجابي.

أخبار ذات صلة

بين الترقب والأمل.. أمنية مشجع كفيف يستعد لـ"نهائي القرن"
بالفيديو.. كفيف مصري يبرز في رياضة الكاراتيه

قصة المسلسل

ويتحدث هاني عن المسلسل الأخير (أمنية وجنية)، ويقول إنه يقدم بشكل كوميدي لكنه يحمل رسالة مُهمة، فبطله رجل على خلافات مع زوجته، تظهر له جنيّة، يتفق معها على تحقيق أمنيات له، فتشترط أنه أمام كل أمنية تفرض عليه لعنة معينة يعاني منها لأيام، فيوافق على العرض، ويبدأ يطلب منها بعض الأمور مثل مراقبة زوجته، ومع كل طلب تلبيه تفرض عليه لعنة، مثل أن يتحول لأيام إلى قط، يعاني من تبعات تلك اللعنة، وينتهي المسلسل برسالة أن البطل الذي يعاني من "نكد" زوجته، سلك الطريق السهل واختار أمنيّات سطحية دون أن يفكر في كيفية إصلاح نفسه وعلاقته بزوجته.