بهدف إبعاد الشباب الموريتاني عن شبح الانحراف والتطرف والإرهاب والجريمة، ومساعدتهم على تحقيق استقلاليتهم وبناء ذواتهم من خلال بعض التحفيزات المادية، وترسيخ ثقافة التطوع والتسامح وتدعيم الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية بين مختلف فئات المجتمع، قررت الحكومة الموريتانية في 30 يونيو 2020 إنشاء برنامج وطني للتطوع أطلق عليه "وطننا".

ويمثل البرنامج الوطني للتطوع "وطننا"، الهيئة العليا الرسمية في البلاد، المكلفة بتنظيم وتطوير وتنسيق العمل التطوعي، ويخضع لسلطة وصاية وزارة التشغيل والشباب والرياضة.

برنامج رئاسي

"وطننا برنامج رئاسي يدخل في تعهدات رئيس الجمهورية"، يقول منسق البرنامج، أحمد ديحي، متحدثا لموقع "سكاي نيوز عربية".

ويوضح: "في الباب الرابع من البرنامج الانتخابي للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، المخصص للشباب، تعهد بإنشاء خدمة وطنية تسمى (وطننا)، تكلف بتنسيق وتنظيم العمل التطوعي في موريتانيا".

أخبار ذات صلة

تصعيد إرهابي.. الساحل والصحراء في مرمى "جماعات مجهولة"
خبراء: التعليم مدخل الساحل الأفريقي لمواجهة الإرهاب والتطرف

ورغم أن العمل التطوعي في موريتانيا كان موجودا منذ المراحل الأولى لقيام الدولة، حيث تنشط فيه بعض الهيئات الوطنية والدولية والجمعيات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني، إلا أنه لم يكن منظما "وظل يفتقر لهيئة للتنظيم والتنسيق، فجاء البرنامج ليقوم بالتنسيق بين الأطراف المختلفة الفاعلة في مجال العمل التطوعي في موريتانيا"، حسب ديحي.

وتوجد في موريتانيا 3 مستويات للعمل التطوعي؛ الأول تقوم به القطاعات الحكومية المختلفة والمؤسسات العمومية التابعة لها وحتى القطاع الخاص والقطاع شبه الخاص.

المستوى الثاني تقوم به الهيئات الدولية والأجنبية العاملة في موريتانيا، وهي منظومة الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد العربي للتطوع، والاتحاد العربي للعمل التطوعي، ومتطوعو فرنسا، ومختلف الهيئات والسفارات.

أما المستوى الثالث فهو مستوى الشباب بمختلف هيئاته ومنظماته والمجتمع المدني والفاعلين، وحتى الأفراد المستعدين للمساهمة في ترقية وتطوير العمل التطوعي.

أهداف طموحة رغم الصعوبات

المهمة الأساسية لبرنامج "وطننا" هي التنسيق بين مختلف الهيئات العاملة في المجال، من أجل أن يرقى بالعمل التطوعي ليصبح في مستوى تطلعات الدولة والفاعلين؛ غير أن له أهدافا أخرى طموحة، كما يوضح ديحي لموقع "سكاي نيوز عربية".

ومن بين تلك الأهداف، "احتواء الشباب وتوفير حاضنة آمنة لهم في وجه التحديات والمخاطر التي تواجههم". ويسعى البرنامج كذلك إلى خلق إطار للوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي والألفة بين أفراد المجتمع، وتغيير عقليات المجتمع تجاه العمل التطوعي وغرس ثقافة العمل الخيري المنظم لديه.

أخبار ذات صلة

موريتانيا.. "التوك توك" يغزو شوارع نواكشوط
زوجة الرئيس الموريتاني تدعو إلى تمكين أفضل للمرأة العربية

كما أن للبرنامج "بعدا اجتماعيا وإنسانيا، هو الاهتمام بالفئات الهشة من المجتمع، من خلال الأنشطة التطوعية أو الخيرية لصالح هذه الفئات، لتمكينها من مسايرة المجتمع في إطار استراتيجية تهدف إلى النهوض بالمجتمع بكل فئاته دون استثناء".

ورغم الصعوبات المتمثلة في نقص الموارد وعقليات المجتمع تجاه العمل التطوعي، فقد وصلت قاعدة بيانات المتطوعين لدى برنامج "وطننا" إلى أكثر من 7 آلاف متطوع خلال بضعة أشهر هي عمر البرنامج، في حين كانت التقديرات أن يصل العدد إلى 10 آلاف متطوع خلال أربع سنوات.

ويقول محمد الحافظ (35 سنة)، وهو من أحد أوائل المتطوعين في البرنامج، لموقع "سكاي نيوز عربية": "هذا الإقبال الذي فاق التوقعات وضع البرنامج تحت ضغط كبير من أجل تحقيق ما يصبو إليه الشباب، وتمكينهم من خدمة وطنهم عن طريق الأنشطة التطوعية".

 من جانبها، أهربت المتطوعة سمية معطى الله، البالغة من العمر 25 عاما، عن سعادتها في المشاركة من خلال البرنامج، في عدد من النشاطات، من بينها حملة "اليقظة الجماعية ضد جائحة كوفيد 19"، ضمن 2500 متطوع، وتنظيم كأس إفريقيا للشباب تحت 20 سنة، وحملة السلامة الطرقية للحد من حوادث السير.