مع أول موسم، بدأت زراعة السلجم الزيتي أو ما يعرف بـ "الكولزا" في كسب التحدي بالجزائر، فيما يعمل المهندسون والمختصون، بشكل حثيث، على مواكبة المزارعين ودعمهم، أملا في مساعدة الاقتصاد المحلي على القفز من ثروة "الذهب الأسود" إلى ميادين الثروة الخضراء.

والسلجم هو نوع نباتي من الفصيلة الصليبية تستعمل بذوره لإنتاج الزيت النباتي وهو ثالث أهم المحاصيل المستخدمة لهذا الغرض بعد فول الصويا وزيت النخيل.

نصف مليون هكتار

وبخصوص الجزائر،فقد انطلق مشروع إحياء زراعة السلجم الزيتي "الكولزا" في نوفمبر الماضي، وفق خارطة طريق وضعتها السلطات وتستهدف من خلالها زراعة ما لا يقل عن 3 آلاف هكتار على المستوى الوطني خلال موسم 2020-2021.

وتراهن الجزائر على بعث زراعة السلجم الزيتي ضمن الزراعات الزيتية ابتداء من هذه السنة، والهدف تقليص وارداتها من الزيوت النباتية والأعلاف.

وبحسب خبراء عارفين بالميدان، فإنه بإمكان الجزائر زرع مساحة تصل إلى 500 ألف هكتار من السلجم الزيتي "الكولزا" في غضون السنوات الأربع المقبلة.

وللسلجم منافع اقتصادية عديدة، فعلاوة على إنتاجه لزيت المائدة المطلوب بقوة للاستهلاك، تعتبر زراعة نبتة السلجم ذات الجذور الطويلة مهمة في خصوبة التربة وتسميدها طبيعيا، مما يساعد على تحسين المحصول.

نموذج الشرق

ومن بين من استطاعوا تحقيق نتائج جيدة بعد أشهر معدودة من النشاط مستثمرة في منطقة أمزلال بمحافظة قالمة (537 كم شرق الجزائر)، حيث نجحت في زراعة 45 هكتارا من زيت السلجم "الكولزا" مع توقع حصاد 20 قنطارا في الهكتار الواحد في تجربة مهمة لتنمية هذا المحصول.

وفي هذا الشأن يقول المهندس الزراعي، حمزة بنور الذي رافق مشروع المستثمرة الفلاحية المذكورة بمحافظة قالمة في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية" إنه في "إطار توجه الدولة لتقليص الواردات والعمل على الإنتاج المحلي أصبح هناك اهتمام كبير بميدان زراعة السلجم الزيتي من خلال مرافقة ودعم المستثمرين والمزارعين".

وأشار بنور إلى أن وزارة الفلاحة اتصلت في البداية بالمزارع النموذجية، إضافة إلى بعض الفلاحين المتطوعين الذين أخذوا على عاتقهم المبادرة وأبانوا عن إرادة كبيرة في خوض هذه التجربة.

وفي هذا السياق، كشف المتحدث ذاته أنه تم استيراد البذور مع الأدوية المرافقة لها من الخارج قبل الانطلاق في تجسيد المشاريع، كما أن هناك توجها لاستيراد آلات جديدة للحصاد.

وعاد بنا المهندس حمزة بنور الذي يمثل الشركة الألمانية (بياساف) في الشرق الجزائري المرافقة للفلاحين في هذا الإستثمار مع المعهد التقني للزراعات الكبرى إلى بدايات انطلاق زراعة السلجم الزيتي بالجزائر، حيث أشار إلى أنه كانت هناك محاولات في سنوات سابقة لكنها لم تجسد بسبب غياب المحولين (المتعاملين الاقتصاديين) أي الشركات التي تقتني هذا النوع من الزيوت.

لكن حاليا، يوضح المتحدث ذاته أن هذا المشكل انتهى بفضل اتصالات وزير الفلاحة بمتعاملين اقتصاديين معروفين عبر لقاءات مباشرة معهم.

تقييم مُرجأ

وعند سؤالنا حول تقييم المحطة الأولى من زراعة السلجم النباتي "الكولزا" في الجزائر، أكد المهندس الزراعي أنه من السابق لأوانه تقديم حكم نهائي حول هذه التجارب، وشرح ذلك قائلا: "لا بد من 4 سنوات للتقييم النهائي ومعرفة المناطق التي تتأقلم معها زراعة الكولزا".

وأفاد بنور أن هناك تجارب أخرى بخصوص هذه الزراعة في الجنوب الجزائري (الصحراء)، على غرار محافظات الوادي وورقلة وخنشلة.

ويقول المهندس الزراعي، إن الجزائر لديها كل مقومات نجاح هذه الزراعة من مناخ وما يمثله هطول الأمطار الجيد، إضافة إلى أنواع وأشكال التراب المساعد على احتضان هذا النوع من الزراعات.

أهداف اقتصادية شتى

ويشدد خبراء في الفلاحة أن زراعة "الكولزا" ضرورية للدورة الزراعية حيث يمكن الاستفادة منها اقتصاديا واستعمالها كأعلاف تكميلية غنية بالبروتين في تغذية الماشية ناهيك عن الفوائد الزراعية، كما أنها تساهم في نشاط تربية النحل بما أن أزهاره تمثل غذاء مفضلا للنحل.

وتم التعامل مع زراعة "الكولزا" بمثابة "زراعة استراتيجية" حيث تساهم في تقليص فاتورة استيراد الزيوت النباتية والأعلاف.

أخبار ذات صلة

التعايش مع كورونا يُنعش التجارة الإلكترونية في الجزائر

في هذا الصدد، يؤكد الخبير الاقتصادي، أحمد سواهلية في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية" أن لزراعة السلجم الزيتي "أهدافا اقتصادية متعددة خاصة مع الزيادات في أسعار الزيت في السوق، فإذا كانت مكونات الإنتاج ومدخلاته محلية سيغني ذلك الخزينة من استيرادها بالعملة الصعبة".

ويرى الخبير الإقتصادي ذاته أن الجزائر ستستفيد من هذه الزراعة في خلق الثروة وتنشيط الدورة المالية من خلال استغلال الهياكل الاقتصادية للبلاد، وتنمية الأرض كعامل مهم في الإنتاج الاقتصادي، ولم لا التوجه مستقبلا نحو تصدير ما تنتجه هذه الزراعة.

أخبار ذات صلة

الجزائر.. تنويع الصادرات والبحث عن بدائل غير نفطية

وأشار الباحث سواهلية إلى "مناطق الظل" التي أصبحت الحكومة توليها أهمية كبرى في الفترة الأخيرة، حيث إن هذه المستثمرات ستكون في هذه المناطق البعيدة مما سيساعدها في خلق الثروة التي تفك عنها العزلة الاقتصادية.