يتزامن عيد الأم كل عام مع اليوم العالمي لمتلازمة داون، وهو يوم خصصته الأمم المتحدة لرفع الوعي بهذا الخلل الجيني، وتصحيح المفاهيم الخاطئة حوله.

موقع "سكاي نيوز عربية" حاور أمهات عربيات تغلبن على التحديات العقلية والجسدية لأبنائهن، وحققن معهم قصص نجاح تستحق أن تروي.

قصص أبطال متلازمة داون في حقيقتها ليست لبطلة أو بطل واحد، إنما تجسد بطولة مزدوجة لأم وابن شكلا معًا كيانا واحدا، ولم يسمحا للتحديات أن تعرقل خطاهم.

.

أول معيد "داون"

في فبراير الماضي، جذب المصري، إبراهيم الخولي، باحث مساعد بالجامعة الكندية CIC، وبطل العالم في التنس 2019، الأنظار بعدما انخرط في تجربة التدريس، ليصبح أول معيد يعيش مع متلازمة داون.

متحديًا ذاك الاضطراب الجيني الشائع، يلتقي الخولي بثقة وثبات طلاب الفرقة الرابعة بقسم الإذاعة والتليفزيون بمعهد التكنولوجيا والإعلام بالجامعة الكندية، ليُدرس لهم مادة النقد السينمائي، عقب طلب رسمي تقدم به للمجلس الأعلى للجامعات.

أخبار ذات صلة

طفلة مصابة بمتلازمة داون ألمهمت شركة كبيرة.. والنتيجة مذهلة

وراء هذا النجاح الذي أبهر مصر وربما العالم، قصة عمرها 26 عامًا لأم استثمرت في طفلها، وسعت لتمكينه يوما تلو الآخر حتى تخطى رفقة والدته التحديات.

بنبرة يملأها الفخر ومشاعر مختلطة أكدت، إيمان والي، والدة الخولي في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية" أن حلم التدريس الجامعي يراوده إبراهيم، منذ 10 أعوام، لافتة إلى أن هذا الحلم كان نتاج 26 عامًا من السعي المتراكم، بدءًا من معاناتها في رحلة البحث عن مدرسة لقبوله قبل ما يزيد عن 20 عامًا، مرورًا برحلتها لتخطي عقبات قدراته العقلية والجسدية بالتدريب والمثابرة، وصولًا لاكتشاف مواهبه.

.

التدخل المُبكر طوق نجاة

وتؤكد والي في تصريحاتها لموقع "سكاي نيوز عربية" أنها لم تستسلم يومًا، وأن التدخل المبكر كان بمثابة طوق نجاة؛ إذ كانت نسبة ذكائه في مرحلة الطفولة 56 لكنها ثابرت لإيمانها به، كما كان الضعف العضلي الذي يعانيه إبراهيم على إثر الاضطراب الجيني يضطره للمشي سادلًا ذراعيه رأسه لأسفل إلا أنها دربته على السير منتصب القامة، ثم تخلصا معًا من مشكلة التلعثم حتى أهلته للتحدث بثبات وهدوء مبهر.

وتضيف والي أن ابتسامة إبراهيم المقترنة بطموحه ورغبته في التعلم كانت بمثابة وقود يجدد طاقتها، إذ التحق بالثانوية العامة بالتزامن مع صدور قانون الدمج الذي نص عليه قانون ذوي الإعاقة 2018، وحصل على ذهبية بطولة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المقامة في عمان 2013، ثم أصبح ممثل أقرانه في المؤتمر الإقليمي للشباب القادم في مصر 2014.

 وبسبب ولعه بالإذاعة قدم برنامجه الإذاعي سكة تحدي 2020 حتى تحقق حلمه بخوض تجربة التدريس قائلة: "كنا نتعلم بالرقص والغناء واللعب حتى ملأ حياتي بالسعادة وجعل لحياتي قيمة عبر إنجازاته التي لا توجد كلمات تصف وقعها على نفسي".

.

 الهنداوي تعتلي عرش الكاراتيه

وفي الأردن تربعت، مجد الهنداوي، على عرش الكاراتيه بعدما حصدت الحزام الأسود "دان"، في اللعبة، في بطولة الألعاب الأوليمبية الخاص المقامة في عمان 2020.

وفي تصريحاتها لموقع سكاي نيوز عربية تؤكد سمر الهنداوي، والدة مجد، أهمية الدأب، فرغم عدم تمكنها من استكمال مسيرة ابنتها التعليمية في منظومة دامجة؛ نظرًا لظروفها المادية، إلا أن هذه الظروف لم تعرقل قطار مواهب مجد؛ إذ تهوى الأشغال اليدوية والرسم والتصوير الجغرافي، وتقيم لهم معارض جماعية وأخرى خاصة. 

.

جهد فردي

وتضيف الهنداوي في تصريحاتها لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الله وهبها مجد مرات عديدة بعدما كادت أن تلقى حتفها على إثر خضوعها لـ 14 جراحة في القلب، وأنها اعتبرت ذلك بمثابة رسالة ربانية لاستكمال رحلتها مع ابنتها بشكل فردي فضلًا عن قيامها بدور مجتمعي مع أقرانها؛ إذ التحقت ببرنامج "بورتيج" للتدخل المبكر، المقدم من جمعية أهالي وأصدقاء الأشخاص المعوقين في جبل الحسين بالعاصمة الأردنية عمان، ونالت تدريبات تؤهلها لتنمية مهارات مجد وأقرانها.

.

منظومة دمج شمولية

وتؤكد في تصريحاتها لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الظروف أضاعت على ابنتها ذات الـ20 عامًا العديد من الفرص المستحقة، إلا أنها رغم توقف مجد عن الدراسة عقب انهائها الصف الرابع قسرًا نظرًا لضيق الحال وارتفاع تكاليف منظومات الدمج الخاصة؛ وتراجع فرصها ببلوغها الـ20 عامًا إلا أنني أدعمها لتطوير مواهبها بدءًا من المشغولات اليدوية والتصوير مرورًا بممارسة العديد من الرياضات كالسباحة والتنس الأرضي والكاراتيه؛ وصولًا للتمثيل؛ إذ شاركت مجد في فيلم وثائقي أعده  فريق بجامعة University Of East London حول متلازمة داون، بُثَ على قناة BBC غير أنها تشارك بالأعمال التطوعية ضمن مؤسسة ولي العهد في الأردن.

وتضيف الهنداوي أنها تتطلع أن توفر بلادها لأقران مجد من المصابين بمتلازمة داون منظومة دمج شمولية مما يتيح لهم فرص مُبكرة ومُلزمة لاستكمال تعليمهم واكتشاف مواهبهم ويضمن لهم تمثيل عادل في المجتمع.

.

شهد تغزو الشعر والغناء

وفي ليبيا تغزو، شهد عبد الناصر إبراهيم الطاهر، الطالبة بمعهد الشموخ للتعليم التكنولوجي والتقني، عالم الشعر والغناء والتصوير الفوتوغرافي، بخطى ثابتة غَيْرَ عَابِئَةٍ للحرب التي وَضَعَت أوزارها في البلاد، فيما تقف وراءها والدتها، السيدة غالية الطاهر.

وفي تصريحاتها لموقع "سكاي نيوز عربية" تؤكد السيدة غالية الطاهر تفرغها لاستكشاف مواهب ابنتها ذات الـ18 عامًا، منذ خطت خطواتها الأولى؛ إذ التحقت بالجمعية الليبية لمتلازمة داون ونالت التدريبات التي تؤهلها لرعاية طفلتها قبل أن تكمل عامها الأول، وهو ما أهلها لحصد جوائز عديدة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.

وتضيف أن قطار إنجازات شهد الذي انطلق منذ كرمتها وزارة الثقافة المصرية عام 2010 عقب مشاركتها في معرض فوتوغرافي، لن يتوقف؛ إذ عرض "كونجرس متلازمة داون" بالولايات المتحدة الأمريكية، فيلمًا وثائقيًا يسرد قصتها عام2013، وأقامت لوزارة التربية الليبية معرضًا خاص لصورها عام 2018، ولا تزال تشارك في العديد من الفعاليات والمهرجانات إلى جانب تفوقها الدراسي.

وتؤكد أنها ستكمل مسيرتها مع أبنتها حتى تؤهلها لتحقيق حلمها بالعمل في مجال التصوير الصحفي.

.

براء يتغلب على الحرب بالدبكة

وفي قدسيا الواقعة في ريف دمشق، يعيش الطفل، براء شيخ عمر ذو 13 عامًا مع جدته التي تقوم بدور أمه؛ إذ رحلت عنه والدته قبل 10 أعوام، كما قرر والدته الهجرة إلى هولندا بعدما وضعت الحرب أوزارها في سوريا.

وفي تصريحاتها لموقع "سكاي نيوز عربية" تسرد، نوال جاد الله، التي ترفض لقب جدته مؤكدة أنها أمه، معاناتها لتوفير فرصة عادلة لتعليم براء، رغم تعدد مواهبه بين فروسية وغناء ورسم ورقص.

انتقل براء مع جدته من مخيم اليرموك، إلى قدسيا ريف دمشق مع اندلاع الازمة، ونظرًا لغياب فرص التعليم الدامج، تضطر، السيدة جاد الله لتأهيله على ممارسة بعض الرياضيات والفنون بمركز "سوبر تيم" كما تهتم بتعليمه الكتابة والقراءة بمعهد البركة الواقع لدى بلدية "صحنايا" التابعة لداريا بريف دمشق.

وتضيف جاد الله في تصريحاتها لموقع سكاي نيوز عربية أن براء أعانها على الوحدة عقب هجرة نجلها إلى هولندا؛ مؤكدًا أنهما واجها صخب الحرب بالدبكة الفلسطينية التي يعشقها ويعرفها عن كثب.

 وتطمح جاد الله أن توفر بلدان منطقتنا العربية فرص عادلة لتعليم براء وأقرانه في منظومة دامجة، وتحلم أن تسانده حتى يكون فرقته الخاصة.

.

بطلة أولمبية تبحث عن فرصة

ومن مدينة نابس، انطلقت مسيرة البطلة الأولمبية، دنيا زياد حسيبا، التي مثلت فلسطين في دورة الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص، في الفترة ما بين 2006 وحتى العام 2019 وجابت معظم البلدان المشاركة في برنامجها؛ بدءًا بإسبانيا واليونان، مرورًا بسوريا ثم بمصر والإمارات. أنها قادرة على استكمال حلمها.

وتقول، السيدة وفاء الدسوقي في تصريحاتها لموقع سكاي نيوز عربية أن الأعباء المضافة التي يسببها العيش تحت الاحتلال، لم تمنعها من مواصلة السير مع ابنتها؛ مؤكدة أن نظرة الأم لقدرات طفلها تختلف كليًا عن نظرة المجتمع الظالمة.

وتضيف الدسوقي أن مؤسسة "الهلال الأحمر" الفلسطيني، تولت مسؤولية تأهيل دنيا وساعدها في اكتشاف موهبتها في لعبة التنس الأرضي بعدما رفضتها المدارس الحكومية تسجيلها؛ نظرًا لعدم وجود منظومة رسمية دامجة، لكنها تناشد المؤسسة بعدم التخلي عن دنيا وأقرانها خشي تراجع فرصهن بعد الـ 30.

وتؤكد الدسوقي أن رغم أن ظروف الاحتلال حالت دون تغلب دنيا على مشكلة النطق إلا أنها أثبتت تميزها رياضًيا، حتى بعدما تراجعت فرص تأهيلها بمؤسسة الهلال ببلوغها الـ16 عام، وأن بلوغها دينا الـ 30 لم يمنعها من استكمال مسيرتها؛ إذ تعتزم إشراكها في حملات توعية مجتمعية، بهذا الاضطراب الجيني الذي تعانيه هي وأقرانها، وأنه لم ولن يكون عائقًا أمام إرادة بطل أراد خوض غمار التحدي.