مهنة صناعة قوارب صيد السمك هي من تراث مدينة صيدا البحرية جنوبي لبنان والعريقة منذ مئات السنين، يتوارثها الأولاد عن آبائهم وأجدادهم، فهي لم تتغير كثيراً خلال العقود الماضية.

ما زال محترفو هذه الصناعة يستخدمون الطريقة والأدوات والمواد الأولية نفسها في صناعتها، إلا أنها وبسبب الوضع الاقتصادي السيئ وارتفاع أسعار الأخشاب واللوازم التي تستخدم في هذه الصناعة التاريخية الآيلة للانقراض إذا لم تلق الدعم المطلوب من الجهات الرسمية، تشهد تراجعاً ومصاعب جمة وخاصة بعد الإقفال الطويل بسبب وباء كورونا.

وتستمر هذه الحرفة بأيدي بعض العائلات الصيداوية التي تعد على أصابع اليد، وإحدى هذه العائلات عائلة العقاد التي ورث أفرادها هذه المهنة عن الأجداد، ويقول ناصر العقاد من الجيل الثالث للعائلة الذي تعلم هذه المهنة من والده وجده ل "سكاي نيوز عربية" في محترفه داخل مرفأ صيدا القديم: "ما زلنا نعتمد أسلوب الأجداد في صناعة "الفلوكة" (القارب الخشبي) ولكننا قمنا بتطوير الشكل والخطوط العامة لحجم القارب، والطول الذي قد يزيد على عشرة أمتار لنلبي متطلبات السوق كافة".

ارتفاع أسعار الأخشاب واللوازم التي تستخدم في هذه الصناعة

 أخشاب قوية وصلبة لصناعة القارب

وعن المواد المستخدمة في هذه الصناعة يقول العقاد: "نستخدم خشب الكينا والتوت القوي والصلب لصناعة القاعدة والأضلاع، وخشب السرو والصنوبر لجسم القارب الخارجي، وهذه الأخشاب تستورد من الخارج وبالعملة الصعبة ولكنها ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها".

ويقوم العقاد بتفصيل هيكل القارب من شجر الكينا القوي والصلب، ويقول بثقة المعلم المحترف بأن القارب الذي يصنعه يعمر ما لا يقل عن 25 عاماً في البحر مع صيانة سنوية دورية منتظمة".

وبالسؤال عن إذا كان سيعلم المهنة لأولاده يقول: "بعضهم تعلمها ولكن الوضع الاقتصادي لا يشجع وأخاف على هذه المهنة من الزوال".

أخبار ذات صلة

رغم تداعيات كورونا في لبنان.. نشاط الغوص متواصل
تقنين الكهرباء الحاد يفجر احتجاجات جديدة في لبنان

 أبو ربيع شيخ البحر: صناعة القوارب وصيد السمك مهنتان متلازمتان

ويقول شيخ البحر وكبير ميناء صيدا ونقيب صيادي الأسماك فيها، أبو ربيع نزيه سنبل لـ "سكاي نيوز عربية": "مهنة صناعة القوارب هي الشقيقة التوأم لمهنة صيد السمك والزورق سلاح الصياد في البحر، ونفضل صناعة مدينتنا صيدا من القوارب لأنها مناسبة لبحرنا وثابتة خلال الإبحار وفي مواجهة الموج، بعكس قوارب "الفايبر غلاس" حديثة الصنع غير المستقرة فوق الأمواج".

يستخدم خشب الكينا والتوت القوي والصلب لصناعة القاعدة

 ويضيف بحسرة: "مهنة البحر صارت صعبة فمستلزماتها من خشب وشباك صيد ودهان وقطع غيار مستوردة من الخارج، وتكلف مبالغ طائلة وبالعملات الصعبة بينما مردود بيع السمك بالكاد يكفي المصاريف وقوت العائلة، وقد أثر علينا إقفال الميناء بسبب كورونا بشكل سلبي وها نحن نعود إلى العمل شيئاً فشيئاً بعد الفتح الجزئي للميناء".

ويقول عن مهنة صناعة القوارب اليدوية التقليدية: "نحن نصنع القوارب لمعظم مرافئ الصيد على الساحل اللبناني من صيدا إلى طرابلس مروراً بجونية والضبية، ونصنع قوارب النزهات الخشبية حسب الطلب لتستخدم في المنشآت السياحية كتراث لبناني كلاسيكي يلفت النظر من السياح الأجانب، ونجهزها كذلك بالمحركات المناسبة من حيث القوة الحصانية حسب طلب عميلنا".

تعلم الصيدانيون صناعة السفن الخشبية عن آبائهم

 أبو ربيع سنبل شيخ البحر قضى أكثر من خمسة عقود يصارع أمواجه طلباً للرزق، دخل البحر مع والده صغيراً على قاربه الذي صُنع هنا في ميناء صيدا، هو ابن هذا البحر الأزرق الكبير لا يفارقه إلا نادراً.

ويختم النقيب سنبل اللقاء بمطالبة الدولة اللبنانية بدعم هذا القطاع الحيوي بالنسبة لآلاف اللبنانيين على طول الشاطئ اللبناني كي لا ينقرض كالعديد من المهن التاريخية ويطويه النسيان.