لم يعد الراديو في عهده الذهبي، الذي ولّى إلى غير رجعة، مع تراجع أعداد مستمعيه، إلى درجة أن البعض بات يضع أجهزة الراديو الكلاسيكية كتحف في المنازل.

ومع ذلك، بقي للراديو نصيب ومكانة خاصة في خريطة وسائل الإعلام، على الرغم من تكاثرها الشديد في زمن شبكات التواصل الاجتماعي، لا بل إن بعض الإذاعات تمكنت من توظيف "السوشال ميديا" لإبقائها في ميدان المنافسة، كما في إقليم كردستان العراق.

وبمناسبة اليوم العالمي للراديو، بادرت نقابة صحافيي كردستان، فرع السليمانية، إلى تنظيم ندوة حوارية مفتوحة موسعة للعديد من مدراء المحطات الاذاعية في إقليم كردستان العراق، خاصة التي تبث في إطار محافظة السليمانية وحدودها الادارية للتباحث في شؤون الإذاعات وشجونها.

ورغم اتفاق خبراء الإعلام، كما المتلقين، على التراجع الكبير في ريادة الراديو الذي كان في ما مضى يتربع، إلا أنه هناك شبه اتفاق على أن الراديو حضورو قوي (وإن بآليات وأشكال مغايرة عن زمن انتشاره الذهبي)، خاصة في المركبات، حيث باتت الإذاعات التي تبث على الموجات القصيرة "أف أم" جزءا من هذه المركبات.

معطيات عن إذاعات كردستان

يوجد في إقليم كردستان العراق نحو 200 إذاعة منها نحو 70 في حدود محافظة السليمانية، وتتوزع اهتمامات هذه الاذاعات بين العامة والسياسية والترفيهية والشبابية وهكذا، وتتفاوت بطبيعة الحال مستويات شعبيتها واستقطابها المستمعين من محطة لأخرى كما تختلف مستويات مهنيتها وحرفيتها.

أخبار ذات صلة

في يوم الإذاعة.. غموض مستقبل بي بي سي
إذاعة القرآن الكريم بمصر.. تاريخ من العراقة يعود للواجهة

على أن غالبية هذه الإذاعات محلية يقتصر نطاق بثها على مدينة بعينها، بينما الإذاعات الكلاسيكية الأم التي يغطي بثها عموم مناطق إقليم كردستان العراق فهي تعتمد بالدرجة الأولى على تاريخها وارثها الرصين في الذاكرة الجمعية النضالية للشعب الكردي.

وعلى سبيل المثال، انطلق بث عدد منها من مقرات قوات البيشمركة في قمم جبال كردستان وكهوفها إبان سنوات الثورة ضد الأنظمة الحاكمة في بغداد ومنها إذاعة دنكي كلي كردستان" (أي صوت شعب كردستان بالعربية).

لكن التحدي الأبرز الذي تواجهه الإذاعات التاريخية المخضرمة هذه هو انتقال الكرد من مرحلة الثورة إلى مرحلة الإدارة ومن الجبال إلى المدن، مما يعني أن اعتمادها فقط على تاريخها وماضيها لم يعد يشفع لها في سوق المنافسة الإعلامية الشرسة التي لا ترحم.

مواكبة المستجدات التقنية

يقول مدير راديو "صوت شعب كردستان"، دلبند مصطفى، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "الراديو لا يزال متمتعا بشبابه وهو قادر على المجاراة والمنافسة وحتى التأقلم مع التطور التكنولوجي في صناعة الإعلام".

وتابع: "فمع أن الراديو هو من الوسائل الإعلامية الكلاسيكية غير أن هذا لا يعني جموده وتعارضه مع التقنيات الحديثة، بل بالعكس تماما فهو أيضا وظف تلك التقنيات بما يسهم في تطوير أدائه، فمثلا معظم الراديوهات الآن هي بشكل ما تكاد تكون كما المحطات الفضائية عبر بثها من خلال الأقمار الصناعية".

ويردف: "نحن مثلا في راديو صوت شعب كردستان رغم أن انطلاقتنا تعود للعام 1979 أي قبل أكثر من أربعة عقود، لكننا تمكنا إلى حد كبير من مواكبة التطور التكنولوجي في صناعة الميديا، وفتح منصات وصفحات تفاعلية خاصة بإذاعتنا في وسائل السوشيال ميديا كالفيسبوك والإنستغرام ونعتزم فتح منصة لنا في تطبيق تيك توك".

ويختم: "نعمل على بث المحتوى البرامجي والإخباري للجمهور عبر منصاتنا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي من خلال البث الحي، وحتى بالنسبة لتقنيات جودة الصوت نعمل وفق أحدث تلك التقنيات بما يسهم في تقديم صوتنا للمتلقي بوضوح وجاذبية".