بعد استراحة طويلة فرضتها جائحة كورونا، يأمل الرحالة المغربي الشاب يوسف سحسحاح، أن يتمكن خلال العام الجديد من مواصلة مغامرته التي انطلقت قبل ثلاث سنوات من مدينة العيون، جنوب المغرب، وقادته على متن دراجته الهوائية إلى 17 بلدا أفريقيا.

وتوقفت رحلة يوسف في جنوب أفريقيا، التي وصلها في أكتوبر 2019، وكان ينوي المكوث بها لمدة شهرين قبل أن يباشر الجزء الثاني من المغامرة، ويشمل مصر والأردن وفلسطين ولبنان ثم منطقة جنوب شرق آسيا. ولم يكن الرحالة الشاب يعلم أن مقامه في جنوب أفريقيا سيطول، بسبب مفاجئات لم تكن في الحسبان.

ويحكي يوسف سحساح في حديث إلى موقع "سكاي نيوز عربية" أن رحلته من جنوب أفريقيا إلى مصر تعثرت في نهاية ديسمبر 2019 حين سرقت دراجته الهوائية، فاضطر لطلب المساعدة من الأهل والأصدقاء في المغرب من أجل تمكينه من الحصول على دراجة جديدة يواصل بها الرحلة.

ويضف: "بعد شهرين ونصف تقريبا توصلت بدراجتي عبر شحنة قادمة من المغرب. كنت سعيدا جدا لأنني سأتمكن أخيرا من مواصلة رحلتي، وفجأة بدأ الحديث عن ظهور فيروس كورونا المستجد، ثم تطورت الأحداث بسرعة، حتى وجدت نفسي عاجزا عن السفر بسبب القيود التي واكبت الحجر الصحي".

وقد أمضى الحجر الصحي داخل أحد المنازل مع مجموعة من الاشخاص من جنسيات مختلفة، في تجربة يصفها "بمثابة سفر حقيقي لما فيها من تبادل للأفكار وثقافات جديدة".

توقفت رحلة يوسف في جنوب أفريقيا

فكرة  المغامرة

درس يوسف سحساح السينما والفن الفوتوغرافي، بمعهد السينما بمدينة ورزازات، الملقبة بهوليود أفريقيا. وقد فتحت له حصص التصوير، المجال للتنقل بعدد من المناطق الجبلية المتواجدة بالجنوب الشرقي للمغرب.  ومن خلال هذه المحطات يقول يوسف "تذوقت حلاوة السفر والتنقل".

وكانت البداية بزيارة عدد كبير من مدن وأرياف المغرب، بشكل منفرد أو داخل مجموعات، قبل أن يقرر الشاب في سن السادسة والعشرين، توسيع أفق المغامرة وعيش ما وصفه "بأفريكا دريم"، فقرر زيارة أكبر عدد من البلدان الأفريقية.

وفي هذا السياق يقول الرحالة المغربي: "في الفاتح من يناير 2018، حملت حقيبة ظهر بها أغراضي الضرورية، ومبلغا بسيطا من المال ودراجتي الهوائية، وانطلقت من مدينة العيون".

وخلال هذه الرحلة التي استمرت ثلاث سنوات، جال يوسف سحساح جزءا من القارة السمراء، بداية بموريتانيا ثم السنغال، وغامبيا، وغينيا بيساو، وغينيا كوناكري، مرورا من مالي، وبوركينا فاسو، وكوت ديفوار، وغانا، والطوغو، والبنين، والنيجر، والغابون، والكونغو، وأنغولا، وناميبيا، وصولا إلى جنوب أفريقيا.

استمرت رحلات يوسف سحساح 3 سنوات

قصص مرض وطقوس غريبة  

يحكي يوسف سحساح، أنه عاش تجارب فريدة بمعظم الدول التي زارها. ويعلق ضاحكا "لكن الحمد لله لم أصادف متاعب كبيرة على غرار ما يحدث عادة مع معظم الرحالة".

ويستطرد "أصعب اللحظات عشتها بالنيجر حين تناولت مضادا حيويا فاسدا، تسبب لي بتوقف عمل أنزيمات الكبد، كدت أن أفارق الحياة قبل أن أستعيد عافيتي بعد أسبوعين بفضل العناية الطبية".

أخبار ذات صلة

الدراجة الهوائية في يومها العالمي.. صحة ومواصلات مجانا
تقطع 1200 كيلومتر على دراجة.. قصة فتاة تكسر "إغلاق كورونا"

وفي استحضاره للذكريات الغريبة، يتذكر يوسف "تجربة لا تنسى في الغابون" تحديدا في قبائل بويتي: "قمت هناك بطقوس للعلاج التقليدي تكون فيها مضطرا لتناول نبتة تجعلك تتخيل أشياء غريبة كما لو تناولت مخدرا قويا".

وفي واقعة أخرى يستحضر ليلة تعرضه لهجوم في أنغولا قبل أن تنقذه الشرطة بعد اتصال من أهالي القرية.

يوسف وقعت له مجموعة من المتاعب خلال رحلاته

أفريقيا عبر العيون

دراسة السينما والفن الفوتوغرافي ساعدت الرحالة المغربي في  توثيق جولاته عبر التقاط صور احترافية. وقد تحولت هذه الموهبة إلى مصدر لكسب المال.

ويؤكد يوسف لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه تمكن من بيع مجموعة من الصور والفيديوهات لإحدى القنوات الفرنسية، كما حصل على عقود بسيطة لتصوير مجموعة من الفعاليات بالبلدان التي زارها.

وقد تمكن يوسف من إنتاج معرض فوتغرافي بعنوان "أفريقيا عبر العيون" يضم صورا لأطفال ينتمون إلى الدول الأفريقية التي زارها.

ويوضح ابن مدينة العيون أنه "رأى في عيون الأطفال أشياء كثيرة تستحق أن يسمعها العالم"، ويضيف "هؤلاء هم مستقبل أفريقيا، ويجب أن نلتفت إليهم".

دروس السفر

يؤكد الرحالة المغربي، الذي يبعد حاليا بآلاف الأميال عن بلده وأهله، أن أشياء كثيرة تغيرت في شخصيته خلال السنوات الثلاث التي قضاها في رحلته المتواصلة، ويشير إلى أنه استخلص عبر جولته في أفريقيا مجموعة من الدروس والعبر، أهمها قيمة التسامح واحترام الاختلاف في الأفكار والتقاليد.

وبنبرة إعجاب يتحدث عن "طيبوبة أهل أفريقيا" الذين استقبلوه في منازلهم خاصة في القرى، حيث يفضل أن يقضي ليالي المبيت في خيمته المتنقلة.

يوسف سحساح سيواصل مغامراته

ويقول يوسف: "تعلمت درسا مهما، وهو أن توجهات الأنظمة  لا تعكس دائما توجهات الشعوب، وقد لمست هذا في جنوب أفريقيا حيث لا يبالي الناس بالتوجهات الرسمية المعادية للوحدة الترابية للمغرب، خاصة وأنني ابن الصحراء المغربية".

ويضيف يوسف قائلا: "في انتظار استكمال رحلتي، أنا الآن أشتغل بمعمل للصباغة في جنوب أفريقيا وأحظى باحترام وحب الزملاء في العمل".

وفي تعليق بروح الدعابة، يختم يوسف الدروس المستخلصة بالقول "المهم أنني أصبحت قادرا على تناول كل أصناف المأكولات بما فيها لحوم جميع الحيوانات التي يأكلها الأفارقة".

الحلم لم ينته بعد

يؤكد يوسف سحساح، أنه لا ينوي حاليا العودة إلى المغرب، بل سيواصل رحلته إلى أبعد مدى ممكن.

وعن مشاريعه المستقبلية يخبرنا الرحالة المغربي، أنه تمكن من تصوير مقاطع فيديو توثق لمحطاته المختلفة، وينوي مستقبلا إنشاء قناة على موقع يوتيوب سيستعرض فيها أعماله على طريقة أداة التدوين المصورة "الفلوغ".