نحو 17 ألفا وخمسمائة ساعة قضاها عادل طاهر تحت مياه البحر الأحمر، جعلته واحدا من أهم خبراء طب الأعماق في العديد من الجامعات الطبية العالمية، ويعد المشرف الصحي الأول عن أكبر غطسة في العالم استمرت لـ149 ساعة تحت الماء ونفذها المصري "صدام كيلاني"، ولم تكن لتتم بدونه وفقا للوائح الغطس المصرية.

ويقول طاهر في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" إن طب الأعماق بدأ في فترة الثمانينيات، لكن لم تجيزه دراسيا سوى الأكاديمية الطبية العسكرية في مصر، عدد الأطباء المصريين في هذا الصدد ضئيل جدا بالمقارنة بعدد السكان الواصل إلى 100 مليون مواطن مصري، كل ذلك جعله يتخذ من شرم الشيخ مركزا لمهنته.

1700 شخص ربما لم تكن حياتهم مستمرة لولا وجود عادل، الرجل الذي تدرج مهنيا من كونه طبيب أعماق وحيدا في المدينة الساحلية الأهم في مصر "شرم الشيخ" إلى كونه مدير مركز حماية وتأمين سياحة الغوص في المدينة، ليصبح الغوص في المياه الزرقاء في حد ذاته بمثابة هواية لا يمكنه الانقطاع عنها.

17 ألفًا وخمسمائة ساعة تحت المياه

ويقول عادل إن عمله يقوم على علاج ما ينتج عادة عن مخالفة قواعد الغطس، والجداول المطلوب اتباعها من قبل الممارسين، كذلك تدني الحالة الصحية لبعض الممارسين، ووجود أمراض لم يتم الابلاغ عنها، وتناول أدوية تتعارض مع الغطس وتنفس هواء ومخاليط غازية تحت ضغط عالي، ومن ذلك مرض اليسون أو مرض إعادة الانضغاط، ويتمثل في تكون فقاقيع غازية من غاز النيتروجين في الدم والأنسجة إذا تجاوز الغطاس الحدود المسموح بها للوقت والعمق، ينتج عن ذلك جلطات غازية قد تصيب المخ أو الجهاز العصبي المركزي، ما يؤدي إلى مجموعة متباينة من الأعراض قد تؤدي للشلل.

ويسرد تفاصيل أطول غطسة في العالم، لم يكن يتخيل أن يتمكن الغطاس المصري من تنفيذها، إلا أنه وفريق طبي كامل وضع برنامجًا صحيًا للاعب "صدام كيلاني" تحت المياه، وغطس هو بنفسه في بعض الفترات لمدة تتراوح ما بين ساعة إلى ساعة ونصف للاطمئنان على صحة "كيلاني"، وفي النهاية نجحت الغطسة الأهم.

تجهيز أول غرفة لإعادة الانضغاط

ما هو طب الأعماق؟

وتعتبر جامعة أوكسفورد، طب الأعماق من الأقسام الطارئة، حيث يعرف بأنه أحد فروع الطب المهني، ويختص بعلاج أمراض الغواصين تحت الماء، كما يضع معايير اللياقة البدنية للعاملين بالغوص سواء كان غوص ترفيهي أو ضمن العمل في مسح المراكب الغارقة في قاع البحر بالإضافة إلى دوره في العلاج بالأكسجين.

ويسهم طب الأعماق بتقنياته الحديثة التي تتشابه مع طب الفضاء، عبر العلاج بالأكسجين في رفع مناعة الجسم، وأيضا يمنع حدوث المضاعفات التي تؤدي إلى البتر على سبيل المثال في مرضي السكر.

أخبار ذات صلة

أوسة يهز عرش توتّي.. عبد المنصف على بُعد موسم من إنجاز عالمي
بالصور.. أسرار واكتشافات مثيرة في "وادي الحيتان" المصري

بين أنياب قرش مفترس

عندما قررت مصر تجهيز أول غرفة لإعادة الانضغاط، كان الدكتور حسام ناصف المشرف الأول عليها، الرجل الذي كان بطلًا لآخر حادثة افتراس قرش لإحدى السياح الألمان في البحر الأحمر، بدأ حياته المهنية في طب الأعماق منذ نحو 35 عاما بعد حصوله على الماجستير من الأكاديمية الطبية العسكرية كواحد من الرواد المدنيين في الحصول على هذا التخصص.

يقول ناصف لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الحادث بدأ بعد استغاثة من أحد مراكز الغوص، حيث تم نقل الضحية إلى مركز سفاري لعمل إسعافات أولية عاجلة، ومن ثم نقلها إلى الغرفة المتخصصة في طب الأعماق والتي يشرف بدوره عليها، مشيرًا إلى أنه فور دخولها الغرفة تم عمل اللازم من ضبط الأكسجين وإعادة انضغاط الغازات اللازمة في أنسجة الجسم.

شكرت السائحة الألمانية مصر، وجهود الدكتور حسام ناصف خبير طب الأعماق، لكن الرجل نفسه أشار إلى أنه غير معروف بشكل عام بسبب ندرة المتخصصين في هذا التخصص، وعلى الرغم من شهرته ذائعة الصيت في البحر الأحمر التي أصبح مقيمًا فيها، إلا أن التغطية الإعلامية لهذا النوع من التخصصات تكاد تكون معدومة.

تجهيزات الغطس

غرفة الضغط مركز للتحكم

ويرى ناصف أن عدم حصول طبيب الأعماق على رخصة غطس أمرا غير ضروري، لكن في الوقت نفسه يؤكد أن المتخصصين في هذا المجال كلهم غطاسين محترفين:"عملنا متعلق بعلاج التأثير الناتج للمشكلات التي تحدث للغطاسين والسائحين تحت المياه".

يكشف ناصف أن نحو 13 غرفة فقط لإعادة الانضغاط موجودة في مصر، 10 في المناطق الساحلية، مقسمة على الأماكن السياحية مثل البحر الأحمر وشرم الشيخ وبالطبع في الإسكندرية حيث المكان الوحيد الذي يتم تدريس طب الأعماق فيه، بينما يقع 3 في القاهرة، آملا في أن يتم بدء تدريس نفس التخصص في كليات الطب.

ويشير إلى أن العلاج يبدأ من وضع المريض في كبسولة للأكسجين، داخل غرفة إعادة الانضغاط وهي غرفة محاطة بأبواب حديدية لضبط الضغط داخلها، وهناك نظام تواصل مع المرضى داخل الكبسولة، ومنظومة للتعامل مع الطوارئ والحرائق في حال تسرب غار الأكسجين وحدوث حريق بالإضافة إلي توافر جهاز ضخ الأكسجين وغيره من الغازات التي يحتاجها الجسم.