لم يخطئ الفراعنة حين أطلقوا اسم "إثت تاوي" على قرية اللشت الواقعة في محافظة الجيزة، فالمواقع الأثرية الهامة التي تحملها المنطقة جعلتها بالفعل "قابضة على الأرضين"، بحسب الترجمة من الهيروغليفية، فكان للقرية من اسمها الفرعوني نصيب كبير امتد حتى العصر الحالي.

ولا تزال اللشت، وهي إحدى قرى مركز العياط، تبوح بالأسرار الفرعونية، بعد أن كشفت رمالها عن "الجبانة الكبيرة" التي حوتها منذ آلاف السنين.

وألقى موقع ناشيونال جيوغرافيك، الثلاثاء، الضوء على الكشف الذي أعلنت عنه مؤخرا بعثة مشتركة من جامعة ألاباما في برمنغهام الأميركية ووزارة الآثار المصرية، خلال موسم واحد.

فقد أسفر التوثيق والمسح الأثري والرفع المساحي ورسم الخرائط المساحية والطبوغرافية ثلاثية الأبعاد عن تسجيل أكثر من 800 مقبرة ضخمة في قرية الليشت.

وبحسب ما نقل "ناشيونال جيوغرافيك" عن وزير الآثار خالد العناني، والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري، فإن تاريخ هذه المقابر، التي لم تكن معروفة من قبل لعلماء المصريات، يعود إلى ما يقرب من 4 آلاف عام.

وتقول عالمة الآثار سارة باراكاك، وهي من مستكشفي ناشيونال جيوغرافيك، وأستاذة في جامعة ألاباما في برمنغهام، وشاركت في قيادة البعثة مع رئيس الإدارة المركزية لآثار القاهرة والجيزة عادل عكاشة: "نحن لدينا إحدى أكبر الجبانات في مقابر المملكة المصرية الوسطى".

وتعرضت مقابر القرية لعمليات نهب واسعة قبل أن تبدأ البعثة عملها، لكن ما تبقى حتى الآن كان كافيا لتقديم الكثير من التصورات عن الحياة الفرعونية في الدولة الوسطى، وكانت أبرز نشاطاتها في العاصمة إثت تاوي، وهي اللشت حاليا.

ويمتد تاريخ الدولة الوسطى من 2030 إلى 1650 قبل الميلاد، وهي فترة تتميز بالفن والثقافة المزدهرة.

وتقول باراكاك: "نرى هذا الأمر جليا في عصر الدولة الوسطى".

وبفضل الحفريات واسعة النطاق التي أجراها الباحثون في متحف المتروبوليتان للفنون الأميركي، منذ أوائل القرن العشرين، فقد تمكنوا من معرفة الكثير عن قرية اللشت.

وتعكس القطع الأثرية التي يعرضها المتروبوليتان عن هذه الفترة اهتمام هذه الحقبة من حكم الفراعنة بالإنسان، الأمر الذي جعل من الدولة الوسطى مملكة "رائعة جدا"، بحسب منسقة المتروبوليتان أديلا أوبنهيم، التي رفضت التعليق على التسجيل الأثري الجديد باللشت.