يصادف، الأربعاء، اليوم العالمي للتوحد الذي يسعى العالم خلاله إلى زيادة التوعية بالمرض عبر فعاليات ودراسات متنوعة، توصل آخرها إلى اعتقاد بأن السبب وراء المرض يعود لعوامل جسدية.

وحاول باحثون كثيرون التوصل إلى الأسباب والعوامل المختلفة التي تسبب هذا المرض، فمنهم من يرى أن عمر المرأة والرجل يلعب دورا في إصابة طفلهما بالتوحد، بينما يقول آخرون إن التلوث الذي جلبته الحداثة في البلدان الصناعية يسبب ذلك.

ويتجه فريق طبي لاتهام العامل الوراثي والجيني في الإصابة بالتوحد.

وذكرت تقارير نشرتها جمعية الأعصاب الأميركية أن هذا المرض يبدأ منذ المراحل الأولى لتشكل دماغ الجنين، أي عندما يكون في رحم أمه.

وتوصل باحثون في جامعة كاليفورنيا إلى أن قشرة الدماغ لدى الجنين هي السبب، إذ أن تطورها ونموها الصحيح يلعب دورا في الإصابة بهذا المرض.

ومن خلال تحليل نحو 24 نوعا من الجينات لدى مواليد جدد تبين أن نصفهم تقريبا لديه قابلية الإصابة بالتوحد من خلال سمك قشرة الدماغ.

ويقول الأطباء إن عملية بناء دماغ الطفل المتكاملة تتكون من ست طبقات وأنسجة متجانسة تشكل قشرة الرأس، وأن من يصاب بالتوحد تظهر لديه بقع غير متجانسة.

واجتمعت هذه الدراسة مع تقارير وإحصاءات تفيد بارتفاع نسبة الإصابة بالتوحد هذا العام بنسبة 30 بالمائة عما كانت عليه بين عامي 2008 و2010.

يذكر أن مرض التوحد من الاضطرابات الأوسع انتشارا، إذ يصيب طفلا من بين 88 وفق إحصاءات المركز الأميركي للوقاية والحد من الأمراض.

ويعيق التوحد الطفل عن التواصل مع الآخرين والتفاعل الاجتماعي مع محيطه، وهو بحاجة لمتابعة منذ الصغر من قبل اختصاصيين.

مساع لعلاج التوحد بالوطن العربي

تسعى جمعيات أهلية ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال العناية بمن يعانون التوحد، إلى تنسيق جهودها لتوفير العلاج والتأهيل، لعشرات الآلاف من الأطفال المصابين بالمرض بالوطن العربي.

وفي لبنان، تضع الجمعية اللبنانية للتوحد، التي تضم أكثر من 400 عائلة، لدى كل منها ولد يعاني التوحد، برنامجا متكاملا للدمج المهني والاجتماعي.

وقالت المنسقة الإدارية للمدرسة المهنية للشباب الذين يعانون من التوحد، رولا راشد: "نركز في عملنا على مساعدة مريض التوحد بتحقيق استقلاليته".

وأضافت: "الدمج المهني والاجتماعي بمراكز اجتماعية في الخارج مهم جدا في مساعدة هؤلاء المرضى، إذ يخرج الطلاب مثلا للعمل لدى مطعم وتعبئة قطع البيتزا".

وتقدم الجمعية برنامجا متكاملا يركز على العائلة والطفل المصاب بالتوحد في آن معا، إذ قالت رئيسة الجمعية اللبنانية للتوحد، أروى حلاوي: "نعمل مع الأهل لتقديم الدعم المعنوي والنفسي اللازم، كما ننتج كتيبات متوفرة على موقعنا ليستفيد منها الجميع".

أما في المغرب، فبدأت حملات التوعية بهذا المرض قبل أكثر من عشرين عاما، ما دفع آباء المصابين إلى الاندماج في جمعيات تعمل على كسر حاجز الصمت عن المرض، وتوفير قدر كبير من العناية للأبناء.

وقالت سعيدة المتوكل، والدة محمد أمين المصاب بالتوحد، إن السنوات الأولى لإصابة ابنها بالمرض كانت "قاسية"، مضيفة: "لم أعلم كيف أتعايش مع التوحد أو كيف أساعد ابني، إلا أن مرضه تحول إلى مصدر قوة لمواجهة الحياة".

ويبلغ أمين من العمر 17 عاما، إلا أن أعراض التوحد بدأت في الظهور عليه بعد أن بلغ سن الخامسة.

وتعد تجربة تعامل المجتمع المدني المغربي مع مرض التوحد رائدة، بعد أن ساهمت بشكل كبير في خلق بنى تحتيةً خاصة بهذه الفئة من المرضى.

وعلى الرغم من عدم وصولها إلى كافة المصابين إلا أن هذه الجمعيات تسعى إلى مزيد من التنسيق في ما بينها من أجل خلق ما يكفي من المراكز النموذجية للتكفل بالأطفال والفتيان والكهول المتوحدين.