مع هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، وجد المتعصبون بين جماهير كرة القدم منصة واسعة لممارسة ما بات يعرف بـ "التحفيل"، بهدف الاستهزاء بالخصم، أو الاحتفال بطريقة ساخرة، ومهينة أحيانا.

وتطورت هذه الظاهرة مؤخرا، خاصة في الأعوام العشر الأخيرة، لتأخذ منحنى تصاعدي، بسبب ظهور منصات التواصل الاجتماعي، التي سهلت عملية "التنمر الرياضي".

ولعل مواجهة "كلاسيكو مصر" بين الأهلي والزمالك، كانت خير مثال على هذه الظاهرة، حيث اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالمناوشات الإلكترونية بين جماهير الزمالك والأهلي، بعد انتصار الأول في مباراة كأس السوبر.

وعادة ما يلجأ المستخدمون في عالم "التحفيل" إلى الصور الساخرة، والعبارات المهينة للخصم، بينما يحاول جمهور الخصم الرد باستخدام "أسلحة" أخرى، مثل التاريخ أو المواجهات السابقة.

والشحن الجماهيري في لقاء الكلاسيكو المصري اندلع قبل المباراة، وخاصة مع انتقال نجم الزمالك السابق، محمود كهربا، لصفوف الغريم، الأمر الذي دفع وسائل الإعلام لترقب مواجهات مشحونة بين كهربا وزملائه السابقين.

وفور انطلاق المباراة، بدأت جماهير الزمالك باستفزاز كهربا في الملعب، الأمر الذي أدى لاستفزاز اللاعبين، مما أدى لدخولهم في مواجهات عنيفة بعد اللقاء، وبالتالي انتقال "العدوى" للجماهير على وسائل التواصل الاجتماعي.

ومنصات السوشيال ميديا هي الفارق الرئيسي بين عداوة الجماهير في الماضي والحاضر، حيث اتسع نطاق العداوة ليشمل المشجعين حول العالم، بدلا عن حصرهم عبر المشجعين داخل الملعب، وفي المقاهي.

وشجعت سائل التواصل على مشاركة الآراء الرياضية، ورفع مستوى المنافسة، ولكنها دعمت التنمر ودفعت إلى الهجوم المنفلت أحيانا.

أخبار ذات صلة

ماذا فعل "كهربا" أمام الزمالك لينال العقوبة القاسية؟
بعد سوبر "العقوبات".. التوتر يخيم على قمة الأهلي والزمالك

عالمية التحفيل

"التحفيل" لم يقتصر على مواجهات الديربي العربية، مثل مباراة الأهلي والزمالك، بل امتد ليشمل مباريات عالمية كبيرة، أبرزها مواجهة "كلاسيكو" بين ريال مدريد وبرشلونة، والتي وصل فيها تعصب الجماهير لأبعد الحدود.

ومن اللقطات التي قد تكون معبرة عن واقع العداوة الكبيرة بين الناديين، في الدول العربية، تلك اللقطة التي شهدت جنازة "وهمية" من جماهير برشلونة، حاملين نعشا عليه شعار ريال مدريد، وسط العاصمة العراقية بغداد، قبل أعوام.

الهجوم المتبادل بين جماهير ريال مدريد وبرشلونة امتد لوسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت المناوشات بينهما لقطة طبيعية في موسم كرة القدم الطويل.

ووصل الأمر لتخصيص صفحات مختصة على مواقع مثل فيسبوك، لمهاجمة الفريق الخصم، والسخرية من لاعبيهم ونتائجهم.

هذه الصفحات تختص عادة باللقطات المضحكة للاعبي الفريق الخصم، أو صور "الميمز" التي تسخر من حال المشجعين.

صفات شخصية المستهزئ الإلكتروني

ووفقا لصحيفة "غارديان"، فأن من المرجح أن يعرض المتنمرون أو "المحفلون" خصائص شخصية ضارة، أي السمات التي تضعف قدرة الفرد على بناء العلاقات والعمل بطريقة حضارية أو مؤيدة للمجتمع.

ويتمتع المتنمرون بإيذاء الآخرين وتخويفهم، لدرجة أن مؤلفي هذه الدراسة خلصوا إلى أن المتصيدون هم "ساديون يوميا" ، وأن التنمر يجب اعتباره سادية على الإنترنت.

هذه الظاهرة، معروفة جيدا لعلماء النفس، وقد تبين أنها ظهرت في العديد من مجالات العلاقات الشخصية، وتظهر في حالات مثل الألعاب الإلكترونية، والشغب الرياضي.

ومن النقاط المهمة التي نشرتها الصحيفة، هي الأهمية الشخصية التي يغذيها التحفيل.

وبحسب الغارديان، فإن التحفيل هو نشاط يعزز الثقة بالنفس، من خلال جذب انتباه القراء، وإزعاج الناس، وإثارة مناقشات ساخنة، وحتى الحصول على موافقة من الآخرين، وعبره يمكن أن يشعر المتنمرون بأهمية، وربما أكثر بكثير مما هي عليه في حياتهم الحقيقية.

ومن المستبعد أن تتلاشى ظاهرة التحفيل قريبا، فقد أصبحت جزءا أساسيا من عالم الرياضة، وأغنت تجربة المشجع، وجعلته جزءا من الكيان الذي يشجعه.

ولكن يتعين على كل من يعلق على وسائل التواصل الاجتماعي، عليه أن يفكر مرات قبل "النشر"، فالتحفيل قد يصل لمرحلة الإهانة الشخصية، وقد يتطور لأن يصبح تنمرا متكاملا.