بعد انسحاب داعش من آخر معاقله في مدينة سرت شمالي ليبيا، وفرار أفراده إلى المناطق الجنوبية الغربية من البلاد، تصاعدت مخاوف دول جوار ليبيا، لا سيما تونس والجزائر، من تسلل مسلحي التنظيم إليها عبر الحدود.

وبات مسلحو داعش محصورين في الآونة الأخيرة في قطاع ضيق في ليبيا، عقب إلحاق الهزيمة بهم في مدن الشمال الليبي، ومن بينها بنغازي وسرت، الأمر الذي قد يدفعهم إلى تصدير هجماتهم في محاولة لتفريغ الضغط عليهم.

ومع بدء الطيران الأميركي هجماته على معاقل التنظيم في سرت قبل نحو 10 أيام، كثفت الجزائر وتونس من إجراءاتهما الأمنية على طول الحدود مع ليبيا، وسيرت طائرات مراقبة ومروحيات عسكرية في المناطق الحدودية.

وقد شرعت تونس في الآونة الأخيرة في بناء جدار عازل على الحدود مع ليبيا، بتأييد ودعم أميركي، في حين تبني الجزائر حاليا سياجا على الحدود مع ليبيا في محاولة لمنع تسلل مسلحي داعش إلى أراضيها.

حرب داعش.. عدو واحد وجبهات ثلاث

هشاشة حدودية

وأمام هذه الإجراءات المشددة من قبل تونس والجزائر، تبدو الحدود الليبية مع دول مثل تشاد والنيجر، رخوة من الناحية الأمنية، مما قد يدفع مسلحي داعش إلى استغلال هذه الثغرة الأمنية والتسلل إلى عبر حدود هاتين الدولتين.

إلا أن ثمة مخاوف غربية من تمركز أفراد التنظيم المتشدد في المناطق الجنوبية من ليبيا، واستخدامها قاعدة لأنشطته في القارة الإفريقية، وذلك بالتنسيق مع جماعات متشددة أخرى مثل بوكو حرام في نيجيريا.

وما يبرر هذه المخاوف أن الجنوب الليبي عبارة عن صحراء شاسعة يصعب مراقبتها، كما أن دروبها وعرة لدرجة تجعل من ملاحقة المتشددين هناك أمرا ليس سهلا، فضلا عن أن بيئة من هذا القبيل تشكل أرضا خصبة للتنظيمات المتشددة.

البنتاغون: ضربات سرت بطلب الحكومة

حبل سري

ويشكك محللون غربيون في اتخاذ داعش للجنوبي الليبي قاعدة له، وإن كان ذلك مؤقتا، فإن سعيهم لن يتوقف عن شق طرق لهم ناحية الساحل، الذي يوفر لهم حبلا سريا إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.

وجاءت دعوة إيطاليا دول الاتحاد الأوروبي، إلى عقد اجتماع طارئ لبحث التطورات في ليبيا، لتؤكد الخشية الأوروبية المتفاقمة من تسلل أفراد التنظيم المتشدد إلى أراضيها عبر المتوسط.

ولا يعرف حتى الآن إن كان فرار داعش من الجغرافيا الليبية أمر تكتيتي، أم أنه خروج من غير عودة. وإلى ذلك الحين، ستبقى المعركة مستمرة مع هذا التنظيم المتشدد الذي بات أفراده مثل أخطبوط يرمى أذرعه على خريطة العالم.