بين التوازنات السياسية ومكافحة الخطاب المتطرف، حاولت السلطات التونسية أن تمسك العصا من الوسط في قرارها بتعليق نشاط "حزب التحرير الإسلامي" لمدة شهر، الذي صدر الثلاثاء.

ويدعو الحزب المتشدد إلى تطبيق الشريعة وإقامة "الخلافة"، ولا يعترف بمدنية الدولة أو دستورها، ومنذ بدأ نشاطه في تونس قبل عقود كان مصدر قلق للحكومات المتعاقبة.

ولم يحصل حزب التحرير على رخصته القانونية للعمل السياسي إلا عام 2012، عندما منحتها له حكومة الترويكا الأولى التي كان يرأسها حمادي الجبالي، الأمين العام الأسبق لحركة النهضة.

ورغم أن السلطات التونسية ترى أن خطاب الحزب يمثل تهديدا للأمن العام في تونس، فإن القضاء اكتفى بقرار تعليق نشاطه لمدة شهر واحد فقط، في بلد عانى خلال الأشهر الماضية هجمات إرهابية كبيرة أدت إلى مقتل العشرات وهروب السياحة ومن ثم تراجع الاقتصاد.

والشهر الماضي منعت الداخلية التونسية الحزب من تنظيم مؤتمره السنوي "لأسباب أمنية" في ظل حالة الطوارئ.

ويرجع الباحث السياسي التونسي هادي يحمد قرار تعليق النشاط "المتردد"، إلى أن السلطة ربما تريد الحفاظ على "توازنات سياسية" في علاقتها مع حركة النهضة، التي تدخل في تشكيل الحكومة.

وقال يحمد في تعليقات لـ"سكاي نيوز عربية" إن أنشطة حزب التحرير "أصبحت مثيرة للقلق"، مشيرا إلى "ردود فعل سلبية في الساحة السياسية التي تعتقد أنه لا يمكن للسماح لهذا الحزب بالنشاط، في ظل رفعه لشعارات لا تختلف كثيرا عن داعش".

الصيد: مكافحة الإرهاب مسؤوليتنا

وتابع: "أعتقد أن الحكومة لم تتجرأ لاتخاذ إجراء أكثر قسوة مثل منع الحزب أو سحب تأشيرته، حفاظا على توازناتها السياسية خاصة مع حركة النهضة، فحزب التحرير يحظى بدعم الأحزاب الإسلامية الأخرى ومن بينها الحركة".

وأضاف يحمد: "هناك تردد حكومي، والسلطة لديها حسابات أخرى تمنع الحكومة من اتخاذ قرار أكثر قوة بحق الحزب".

وأكد الباحث التونسي أنه "رغم شعارات الحزب المتطرفة وخطابه المتشدد، فإنه لم يثبت عليه استعماله للعنف، ولو أن هناك من يعتبر أن العنف يتشكل في الخطاب وأن الكلمة قد تؤدي إلى ممارسة العنف".

وتوقع يحمد أن يكون قرار تعليق نشاط حزب التحرير "بالون اختبار"، قد يتبعها قرارات أخرى مثل حظره "في حال أبدى ردود فعل عنيفة بعد قرار التعليق المؤقت".

واستطرد: "من الممكن إذا التمست الحكومة أن هناك تحريضا من الحزب أو أن له دور في تنامي العنف، أن تقوم بإجراءات حظر نهائي".

وأرجع يحمد سماح حكومة النهضة في 2012 بإعطاء صبغة قانونية لعمل حزب التحرير، إلى أن الحركة "كانت محتاجة إلى جبهة إسلامية مكونة من العديد من الفصائل لتشترك معها في اللعبة السياسية".

لكنه أردف: "السياق السياسي اليوم اختلف جذريا بعد وصول نداء تونس إلى السلطة، فهو يرفع راية الدولة الديمقراطية والمجتمع المدني. اليوم مع تغير الوضع الأمني خطاب الحزب أصبح يمثل مشكلة حقيقية للسلطة".

سوسة تمحو آثار الإرهاب