لم يوفر رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي لا يزال اسمه مسطرا في ملفات الفساد، أي فرصة لإثبات أنه يملك من الأوراق ما يهدد أمن العراق، تارة بالتذكير بعلاقاته مع إيران، وتارة أخرى باستعراض قوى من خلال الحشد الشعبي وإذكائه نار الطائفية، وآخرها زيارته الأخيرة لميليشيا الحشد الشعبي في الفلوجة.

ويرى المتابعون أن المالكي يستخدم الطائفية والتقسيمية، ليعود إلى السلطة، بعد ولاية ثالثة تمسك بها ولم يتنازل عنها، إلا بعد أن أُبعد عنها بالقوة السياسية وتخلي رفاقه عنه.

وكانت سياسة المالكي الطائفية، من الأسباب الرئيسية للهزائم العسكرية الأخيرة في الموصل والرمادي، ولكنه ما زال يصر على الاستمرار في الطريقة السابقة نفسها، ويدعو إلى التراجع عن مسيرة المصالحة الوطنية التي شرع بها رئيس الوزراء حيدر العبادي.

إذ أشار في تجمع عشائري في 13 يونيو الماضي في كربلاء إلى أن عشائر محافظة الأنبار كانت تتنافس في القيام بالاعتصامات ضده، واتهم الأحزاب السياسية المنافسة له بأنها كانت تقف مع الاعتراضات غير القانونية ضد حكمه. وأخيراً، وصف سقوط المناطق السنية في يد "داعش" بأنها كانت "ثورة طائفية لسنة ضد الشيعة".

وفي سياق آخر، حاول المالكي عرض نفسه صاحب فكرة تأسيس قوات الحشد الشعبي والقائد الروحي لها، في مناسبات عدة، إذ قال "أنا أسست الحشد الشعبي، وتأسيسه استراتيجية، وأنا المتحدث عنه منذ زمن بعيد، وحين حصلت الأحداث (يقصد ظهور داعش)، اتجهت إلى الشعب العراقي ودعوته إلى الالتحاق بالقوات العسكرية".

وفي حين أن القوات الشعبية المسماة بالحشد الشعبي تأسست إثر فتوى من السيستاني دعت كل فئات المجتمع العراقي إلى الالتحاق بالقوات الأمنية القانونية تحت إشراف الحكومة العراقية.

وأثارت تصريحات المالكي هذه، التي نصب فيها نفسه زعيما لقوات "الحشد الشعبي" حفيظة رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي قال: "لا يحق لأي أحد أن ينصب نفسه زعيما للمتطوعين، فهو يلعب بدمائهم". وتلك إشارة إلى مقتل الآلاف من الأبرياء في عهد المالكي.

مليشيا الحشد الطائفية

وتمثل ميليشيات الحشد الشعبي، لونا طائفيا واحدا وتتبع أحزابا موالية لإيران، وهو ما يجعلها ميليشيات عقائدية وسياسية وليست "وطنية" مثل مؤسسة الجيش.

وفي الوقت ذاته، ثارت مخاوف لدى سكان الفلوجة من السنة من أعمال انتقامية قد تشنها ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران، خلال معركة تحرير الفلوجة، على غرار ما حدث سابقا في محافظة صلاح الدين.وانتشرت مقاطع فيديو تحريضية ضد الفلوجة، أبطالها قادة كبار في ميليشيا الحشد الشعبي، من بينها ما قاله قائد سراي أبو الفضل العباس التابع للحشد، حسبما أفاد مراسل "سكاي نيوز عربية".

وكانت الحكومة العراقية قررت عدم مشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الفلوجة، التي يسيطر عليها تنظيم داعش، وغالبيتها من السنة.

إلا أن مصادر عراقية أكدت مشاركة ميليشيا الحشد الشعبي بالإضافة إلى وجود عناصر إيرانية من بينها القيادي بالحرس الثوري الإيراني قائد فليق القدس، قاسم سليماني، ومشاركته عسكريا في غرفة عمليات ميليشيات الحشد للتخطيط لمعركة الفلوجة.