تحاول أطراف الصراع في سوريا التسابق على الفوز بتحقيق مكاسب ميدانية، وإدراج أوراق الانتصارات الجديدة على طاولة المفاوضات، لفرض رؤيتها لحل الأزمة السورية قبيل انطلاق ماراثون من المفاوضات في نهاية يناير المقبل، في مدينة جنيف السويسرية.

وفي ظل التراخي الدولي وخاصة حالة الوهن والضبابية التي تكتنف الولايات المتحدة الأميركية إزاء الصراع في سوريا، يدفع الدب الروسي بكل الثقل العسكري على الأرض من خلال تغيير ديناميات القوة والوقائع الميدانية، لإجبار الأطراف المشاركة على إقحام الأكراد وفصائل قريبة من النظام السوري في جلسات المفاوضات المقبلة.

كما تحاول الحكومة السورية، وعلى وقع الغارات الروسية المكثفة ودعم الميليشيات الإيرانية وحزب الله، فتح جبهات للسيطرة على مناطق تحت هيمنة المعارضة السورية من أجل إجبارها على تغيير خريطة الطريق للحل، وعلى سير الحوار من خلال خفض سقف شروطها التفاوضية، وأهمها المطالبة بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.

رسائل حملة النظام في درعا

وتعتبر منطقة الساحل السوري ذات أهمية كبرى سواء لحكومة دمشق بسبب تمركز الطائفة العلوية الموالية للنظام في تلك المناطق، بالإضافة لأهميتها الاستراتيجية لموسكو في ظل الهواجس والمخاوف الروسية من تركيا وحلف الناتو وانعكاساته على مصالحها الاستراتيجية فيما يسمى "المياه الدافئة" لروسيا.

وينتهج النظام السوري "استراتيجية الإزاحات" حيث فتحت قوات الحكومة أول جبهة جنوبية لها من أجل السيطرة على محافظة درعا من الجيش السوري الحر، التي تمثل خط الدفاع الجنوبي الأول لمعقل النظام في مدينة دمشق.

فمؤخرا تمكنت القوات السورية تحت غطاء من الغارات الروسية، من السيطرة على مدينة الشيخ مسكين، وعززت سيطرتها على أحياء شرقي وشمالي المدينة التي تعد خط إمداد رئيسي بين دمشق ودرعا جنوبا، وذلك بالتزامن مع غارات جوية استهدفت مناطق تحت سيطرة الجيش الحر في نوى ونافعة وتل السمن جنوبي البلاد.

ضربات روسيا قتلت وشردت الآلاف

وتتقاسم الجغرافيا السورية أربع قوى رئيسية تسيطر عسكريا على أجزاء من البلاد، هي الجيش الحكومي السوري، وفصائل المعارضة المسلحة، والأكراد، بالإضافة إلى تنظيم "داعش".

وتتركز سيطرة القوات الحكومية على محافظتي طرطوس واللاذقية الساحليتين المطلتين على البحر المتوسط، والسويداء الجنوبية المحاذية للحدود الأردنية، ومعظم أحياء مدينة دمشق العاصمة، وحماة وحمص.

في حين تسيطر كتائب الثوار والمعارضة المسلحة، وبينها جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، على معظم البلدات والمدن الواقعة في محافظات الشمال كحلب وإدلب، وفي الجنوب تسيطر المعارضة على أجزاء كبيرة من محافظتي درعا والقنيطرة.

وفي المنطقة الساحلية الغربية تسيطر المعارضة على منطقتي جبل الأكراد وجبل التركمان شمال اللاذقية قرب الحدود مع تركيا.

أكراد سوريا والحكم الذاتي

بينما تسيطر القوات الكردية، التي يطلق عليها "وحدات حماية الشعب"، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني في تركيا، على ثلاث مناطق منفصلة شمالي البلاد بمحاذاة الحدود التركية، وهي شمال محافظة الحسكة، لا سيما مدينة القامشلي، ومنطقة عين العرب "كوباني"، شمال شرقي محافظة حلب، ومنطقة عفرين شمال غرب المحافظة ذاتها.