سواء أقتل أم لم يقتل، فتلك ليست المرة الأولى التي تتواتر وتتضارب فيها البيانات والأنباء التي تؤكد أو تنفي مقتل قيادات كبيرة في تنظيمات إرهابية بمن فيهم زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، أو ممن سبقوه كأسامة بن لادن أو الزرقاوي أو الملا برادر، ففصول المسرحية تكررت لمقتل البغدادي ولمرات عدة ولإحيائه في مشاهد أخرى في حوادث مماثلة.

فإعلان "الصقور الاستخبارية" والتبجح باستهداف موكب زعيم العصابة الإرهابية البغدادي بالأمس وبقاء مصيره مجهولا قوبل بصلف آخر من  وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" بالنفي للعملية البطولية. رغم أن بيان الإعلام الحربي العراقي أوضح أن الهجوم جاء وفقا لمعلومات استخبارية دقيقة، وبالتنسيق المباشر مع قيادة العمليات المشتركة.

إلا أن ما وصف بـ"التنسيق المباشر" فشل في الخروج ببيان مشترك يؤكد فيه استهداف البغدادي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن قيادة ما يسمى بالعمليات المشتركة تضم عناصر استخباراتية من الولايات المتحدة الأميركية، حيث سارعت الأخيرة بالنفي لخبر استهداف البغدادي في موكبه المتوجه لحضور اجتماع مع أمراء الحرب في تنظيم داعش في منطقة الكرابلة قرب الحدود السورية العراقية.

وندرة الظهور الإعلامي للشخصية الهلامية  للبغدادي، إن وجدت أصلا على أرض الواقع، دفعت البعض بأن يرجح أن يكون الإعلان عن استهدافه خطوة استخباراتية من أجل خروجه على الملأ في شريط فيديو – بعد أول وآخر ظهور له في إحدى خطب الجمعة في يوليو 2014 ، أو لربما كانت محاولة بائسة للتغطية على فشل "الجيش" العراقي  في معركته في الرمادي.

كما أن الأسطورة "الوهمية" لسطوة البغدادي وداعش التي تسك العملة وتبيع وتشتري، أقحمت روسيا في عمليات "ملحمية" للتدخل العسكري واتباع سياسة الأرض المحروقة للتخلص من البغدادي وزبانيته من  داعش، لتخلق في نفس الوقت أجواء تذكر بسنوات خلت إبان الحرب الباردة مع القطب الأميركي.

وباتت البيانات المتسارعة، الرسمية العراقية منها أم الصحفية، تتهافت على الزعم بالظفر برأس البغدادي الذي بات الشيطان الأكبر وتنظيمه الذي يهدد أمن العالم برمته، حيث وضعت الولايات المتحدة مكافأة "سخية" ثمنا لرأس البغدادي بلغت 10 ملايين دولار أميركي.

فحتى لو هلك البغدادي، كسابقيه من زعماء الجماعات الإرهابية، فهذا بحد ذاته لن يقضي على جذور الفكر المتشدد والمتطرف التي عاثت وتعيث فسادا في الأرض من داعش إلى القاعدة امتدادا لبوكوحرام والذي بات يهدد الدول العربية في عقر دارها.