هل هي إصلاحات فعلية أم جرعات تخديرية لوضع شعبي محتقن؟ سؤال يطرحه المتابعون للمشهد العراقي مع عدم تحول حزم الإصلاح التي قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى واقع فعلي، في وقت مازال سلفه وزميله بالحزب نوري المالكي، المتسبب الأول في الفساد والفوضى في نظر عراقيين، بعيدا عن دائرة المحاسبة.

فالاحتجاجات التي باغتت الطبقة السياسية، دفعت رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى وضع حزمة من الإصلاحات، تمثلت بإقالة نواب رئيسي الوزراء والجمهورية، وعدد كبير من المسؤولين في الجهاز الإداري للدولة.

وقال الناشط المدني مصطفى أمير الكرخي لسكاي نيوز عربية إن العراقيين استبشروا خيرا في البداية بحزمة الإصلاحات، كونها طالت نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، وهو من أبرز صقور النفوذ الإيراني في البلاد، على حد تعبيره.

لكن الوضع ما لبث أن تغير مع مرور الوقت. فبحسب الكرخي، لم ينفذ العبادي حزمة إصلاحاته على الرغم من التفويض الشعبي الذي منحه إياه المحتجون على الفساد في الميادين العراقية.

وقال الكرخي" لم يكن الكثير من المحتجين يعلم أن الحكومة لم تكن ترغب بالتفويض وإنما بعامل الوقت من أجل امتصاص زخم الاحتجاجات الشعبية".  

ولفت إلى "تسريبات أشارت إلى أن العبادي تلقى نصيحة بمماطلة المحتجين من المالكي صاحب التجربة الطويلة في التعامل مع احتجاجات العراقيين".  

وبحسب هذه التسريبات، فقد التقي الرجلان، واحتسيا الشاي، في اجتماع لقادة حزب الدعوة الحاكم.  

حماية النفوذ الإيراني

ويرى المتابع للإصلاحات المعلنة، التي لم تجد طريقها للتنفيذ حتى الآن، أنها محاولة لحماية النفوذ الإيراني في العراق، والدليل على ذلك، عدم تقديم المالكي "عراب هذا النفوذ" إلى المحاسبة، بسبب دوره في سقوط الموصل بأيدي داعش، بحسب تقرير رسمي.

وقال النائب عن اتحاد القوى، ظافر العاني، أن النفوذ الإيراني في العراق يعتمد على سيناريو الفوضى الشاملة والانفلات الأمني، "عندما يتعكز على عناصر منفلته تبحث عمن يمدها بالمال والسلاح، وعلى السلطة البديلة عن السلطة الرسمية، كما هو الحال في تشكيلات الحشد الشعبي التي باتت مؤسسة بديلة عن الجيش العراقي تشبه شكلا ومضمونا الحرس الثوري الإيراني".  

وأشار العاني إلى قيام ميليشيات الحشد باختطاف 18 عاملا تركيا مطلع الشهر الجاري، تبعها اختطاف كل من وكيل وزير العدل العراقي ومدير عام التحقيقات في الوزارة على يد مسلحين.

واعتبر النائب هذين الحادثين، نوعا من استعراض القوة الإيرانية و"رسالة إلى مناهضي الفساد والنفوذ الإيراني، بأن لغة السلاح تعلو لغة الاحتجاجات السلمية المطالبة بمحاسبة زعيم الذراع الإيراني المسلح في العراق نوري المالكي"، على حد قوله.

فقدان الثقة

وتسبب التحرك البطيء في تنفيذ الإصلاحات الحكومية في فقدان الشارع ثقته في الحكومة، حتى أعلن المحتجون في ساحة التحرير ببغداد سحبهم للتفويض الذي منحوه للعبادي من أجل تنفيذ إصلاح حقيقي يقضي على الفساد، حسبما يرى الكاتب والأستاذ بكلية الإعلام في جامعة الفارابي، كاظم المقدادي.

ويقول المقدادي إنه" بعد 8 أسابيع من المظاهرات وعشرات الحزم الإصلاحية غير المرضية، بات الشارع وبعض السياسيين يطالبون برحيل العبادي أو استبداله".

ويخشى المقدادي من أن يعطي ذلك فرصة جديدة لعودة المالكي بطريقة أو بأخرى، وهو وفق رأيه" أمر غير مستبعد في ظل سطوة نفوذ طهران على المشهد العراقي".