تضع القوات الموالية للشرعية في اليمن على رأس أولوياتها تحرير العاصمة صنعاء لتكريس هزيمة الميليشيات المتمردة، متسلحة بالانتصارات التي حققتها في جنوب البلاد، بعد أن نجحت في استعادة معظم المحافظات الجنوبية.

وبعد أقل من أسبوعين على إعلان رئيس هيئة الأركان العامة، اللواء محمد المقدشي، قرب دحر الميليشيات من صنعاء، تؤكد الخريطة العسكرية في الجنوب على نجاح القوات الشرعية في تضييق الخناق على المتمردين في صنعاء.

وقراءة بسيطة لخريطة اليمن تشير إلى فعالية استراتيجية القوات اليمنية والمقاومة الشعبية، التي أثمرت، بدعم من الغطاء الجوي للتحالف العربي، تحرير عدن ومحافظة لحج التي تتضمن قاعدة العند الجوية، ومحافظتي الضالع وأبين.

ولاستعادة صنعاء وإعادتها إلى حضن الشرعية، وبالتالي كسر شوكة ميليشيات صالح والحوثي المتمردة في شمال البلاد، يشدد مراقبون على أهمية استكمال عملية تحرير كافة مناطق الجنوب، خاصة محافظات شبوة وتعز وإب.

ويرى المراقبون أن معركة تعز، التي تشهد في الوقت الراهن مواجهات ضارية، تظل الحاسمة بالنسبة للقضاء على التمرد، فالمحافظة تقع جغرافيا في الشمال، أو ما كان يسمى قبل الوحدة مع الجنوب عام 1990 الجمهورية العربية اليمنية.

وعليه، فإن سيطرة القوات الشرعية على تعز، إما عن طريق الحسم العسكري، أو إجبار الميليشيات على الانسحاب، تسقط من يد الانقلابيين "ورقة الشمال"، وتضعف موقفهم في بقية المناطق الشمالية وتساعد في التقدم إلى صنعاء.

وفي حين تمكّن عملية تحرير تعز والحديدة القوات الشرعية من السيطرة على غرب اليمن، فإن استعادة محافظة شبوة ستمهد لها السيطرة على المناطق الشرقية الممتدة من أبين إلى مأرب، وبالتالي تحقيق اختراق في رقعة انتشار المتمردين.

كما سيساعد العامل الأخير القوات الحكومية على تضييق الخناق على ميليشيات الحوثي وصالح "صعودا من إب نحو ذمار وصنعاء وعمران"، في مسعاها للتقدم إلى المحافظات الواقعة في أقصى شمال البلاد، لاسيما صعدة، معقل الحوثيين.

وفي موازاة التقدم، الذي غير خريطة الواقع الميداني لصالح القوات الشرعية، يعد تصاعد حالة التذمر بين سكان صنعاء عاملا آخر من شأنه تسهيل عملية تحرير المنطقة، خاصة إن اقترن بنجاح الحكومة في استمالة القبائل المنتشرة بمحيط العاصمة.

فانتهاكات المتمردين وتدهور الحالة الاقتصادية الناجم عن العملية الانقلابية منذ مارس الماضي، أثار غضب المدنيين ودفعهم للتطلع إلى عودة الشرعية، مما يشير إلى أن الميليشيات باتت مهددة في معاقلها من الداخل.

وعودة صنعاء للشرعية، بحسب مراقبين، يعتمد على طبيعة التفاهمات مع الأطراف القبلية والاجتماعية التي تحيط بالعاصمة، خاصة أن المحيط القبلي يشكل خزانا بشريا للأجهزة الأمنية وقوات الجيش.

واستمالة القبائل من شأنه تجريد المتمردين من أحد أبرز عوامل الدعم، مما يسرع عملية تحرير العاصمة وبسط سلطة الدولة عليها، من دون الدخول في قتال ضار ومواجهات دامية وتجنيب المدينة الدمار.

ولا شك أن عامل التمرد الداخلي مقرونا بالعمل على تغيير ولاءات زعامات المحيط القبلي في صنعاء، والتأكيد أن هذه الحرب لا تستهدف سوى المتمردين، سوف تضعف المليشيات وتساعد القوات الشرعية في إعادة العاصمة إلى حضن الشرعية.