استغلت تركيا قضية قبر سليمان شاه الموجود قرب حلب، للتدخل هناك بقوة عسكرية كبيرة، تبدو في ظاهرها لنقل الضريح ذي الأهمية التاريخية لتركيا، وتحمل في باطنها رسائل عن قدرة الجيش التركي على التدخل بريا في سوريا استجداء للتوافق الدولي المطلوب لذلك.

وشارك في العملية العسكرية، التي بدأت في ساعات الليل الأولى ليوم الأحد، وانتهت صباحا، نحو 600 جندي و40 دبابة ومروحيات عسكرية، وطائرات للإنذار المبكر والتحكم المحمولة جوا من طراز "أواكس"، بالإضافة إلى طائرات من دون طيار.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي، عبدالوهاب بدرخان، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية" أن عملية الجيش التركي لنقل رفات سليمان شاه من سوريا تندرج في كونها "بروفة" لما يمكن أن يقوم به الجيش التركي في حال أي تدخل مستقبلي في سوريا، نظرا لحجم القوة العسكرية التي تدخلت.

ووفقا لما أعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داودأوغلو فإن هذا التدخل جاء بتنسيق مع قوات التحالف الدولي التي تحارب تنظيم داعش، وبعد إخطار القوات الكردية التي تسيطر على كوباني حيث دخلت الدبابات التركية.

ولطالما طالبت تركيا، على مدى سنوات الأزمة السورية، بمنطقة عازلة على حدود سوريا الشمالية يمنع فيها تحليق طائرات دمشق الحربية أو اقتراب قواته البرية منها، وتكون تحت سيطرة أنقرة.

التوقيت

ولفت بدرخان إلى توقيت العملية العسكرية التي جاءت بعد اتفاق عسكري أميركي تركي على تدريب مقاتلين سوريين معارضين على أراضيها، ما اعتبره مؤشرات إلى احتمالات تدخل عسكري تركي في سوريا.

إلا أن هذا التدخل التركي إن حصل، سيكون في إطار الحرب على داعش وفي المناطق الشمالية من سوريا التي ينتشر فيها التنظيم، ولكن يكون موجها ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد، شأنه في ذلك شأن عمليات التحالف التي تستهدف داعش وتستثني الأسد.

من جهة أخرى، فإن تركيا أخرجت عبر هذه العملية كل الجنود الأتراك الذين كانوا يحرسون ضريح سليمان شاه، ونقلت الضريح وفجرت مكانه، لتزيح عن كاهلها عبء وجود قوات عسكرية لها في سوريا.

وسليمان شاه، هو جد عثمان الأول، مؤسس الدولة العثمانية، وحسب اتفاق قديم بين تركيا وفرنسا عام 1921، يخضع الضريح الذي يقع في حلب للسيادة التركية، ويسهر على حمايته جنود أتراك يتم تبديلهم بانتظام.

ويرى بدرخان أن إجلاء الجنود الأتراك من منطقة يسيطر عليها داعش يفتح المجال أمام عمليات عسكرية أوسع للتحالف الدولي على التنظيم المتطرف.

وكذلك فإن أي تدخل بري محتمل لتركيا في شمال سوريا، لن يكون له تبعات انتقامية على الجنود الأتراك سواء من داعش أو من القوات الحكومية السورية.

دمشق بدورها اعتبرت أن التدخل التركي شمالي سوريا "عدوان سافر" على الأراضي السورية، وقالت إن أنقرة طلبت الموافقة على نقل ضريح سليمان شاه لكنها لم تنتظر الرد